بيان جديد عن سماحة الشيخ حكمت سلمان الهجري حول الأوضاع في السويداء

أصدر سماحة الشيخ حكمت سلمان الهجري الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين بياناً جديداً حول الأوضاع في السويداء , جاء فيه ..

 ..بسم الله الرحمن الرحيم 

أبناءنا وبناتنا الأعزاء .. الأهل الكرام في الجمهورية العربية السورية  ..تحية حب وتقدير .. وسلام احترام بطيب التعابير ، وتحية لكم ايها الشرفاء ، لوقفتكم الحرة النبيلة التي أدخلتكم التاريخ على صفحاته الناصعة ، أيها الوطنيون الشجعان لقد أعدتم للعالم صور أجدادكم المجاهدين الصادقين الخالدين ، واستذكرتم تضحياتهم التي رفضتم سلبها منكم وهدر ثمارها .

تناديتم لأوجاع ألمت بكم .. بعد نفاذ صبر الصمت والسكوت ، ولم تقبلوا بالمهازل التي حصلت بحقكم ، فباركنا وقفتكم في وجه محاولات الاذلال ، وسلبكم اقل الحقوق ، لتصرخوا برقي احتجاجاتكم تنشدون الخير ، لعل حرص القيادة عليكم يرفع الحيف عنكم ، وينقذ شعبا مثخنا بالجراح من شرّ ما أصاب البلاد ، ومن ويل الانتقاص والفساد .. فكان من أهم غايات الحراك هو إزالة مظاهر الاستبداد ،  والقمع بكل أنواعه بين العباد ، وطالبتم بنشر فكر الوعي والتآخي والحوار وقبول الآخر ...    

 صرختم ولا مجيب ، بل كانت بعض التساؤلات من بعض المشاهدين الذين ادعوا الاستعداد لنقل الهموم للمعنيين ، فكانت ضحالة تساؤلاتهم ، ودليلا على عدم مصداقيتهم ، حيث كان تركيزهم على ماهية وجود الرايات و الأًعلام ، وعن هتافات ما ، ومع يقيننا بهامشية تدخلهم ، فقد أجبناهم بأن سألناهم عن الحلول ، عن العطاء ، وسؤال عن أولي الامر والمسؤولين الذين عولنا عليهم أن ينقذوا شعبهم من ويل التحييد والتهميش والتخريب في البنيان ومسيرة الوطن .. فلم نجد جوابا ..  وأما في الحقائق فلم نجد من يسأل .. عن أسرار المصاب ، وعن سبيل الحلول رغم الصعاب .. أو ماذا تريدون وكيف يمكننا أن ننقذ البلاد والأهل من تلك المهالك التي أودت الى التهجير والضياع والافقار والاذلال والارهاب الداخلي ، وواجهنا الاصرار على تخلّي الجهات المختصة والكثير من الدوائر الرسمية عن واجباتها ومهامها ،  بحجج  كثيرة وغير مقبولة ..  

 أبناءنا .. أهلنا الأعزاء ... لا يخفى أن ما توقعناه من أساليب حاولت إسكات المطالبين ، بالتخوين والتقزيم وبث الفتن ، من خلال بعض الأبواق الهزيلة داخليا وخارجيا ، ونشر أفكار بسيطة تشغل الناس عن أصول الطلبات ومبتغاها ، وكان ما كان عبر شهور مرت .. ولكن وعي الحراك كان كبيرا فما كان للمفسدين ما ابتغوه بينكم ، نتيجة حرصكم وتمدنكم ورقي مساعيكم .. ولن يكون لهم جواب بينكم طالما تعرفون من انتم ، وتعرفون من حولكم ، وتدركون ما تفعلونه ، وتصرّون على ما تريدونه..   

  أبناءنا.. أهلنا الأعزاء .. اجتهد الكثيرون من الابناء في محاولات للخير بتسيير الركب وتنظيمه .. وكانت محاولات لتعدديات افكار بمستوى عمل سياسي للتنظيم والمواجهة ، وتم تشكيل عدة توجهات وتجمعات ولجان عمل ، ولكل مسمياته ، والجميع تحت راية واحدة هي طلب الحقوق واعادة الهيكلة في الدولة والاقتصاد والعيش الكريم ، وقد شجعنا الأعمال التي تبني وتسير بالركب الى بر الامان تحت ظل الوطن السوري الواحد مجتمعيا وجغرافيا وفق أسس الدولة المدنية ، وبمشاركة ومباركة كل الاطياف وكل أبناء المجتمع ، رجالا ونساءً دون قيود ودون فواصل وبلا حدود ، بمسيرة جمالية وبهاء تلاوين متناغمة ، وشجعنا التعددية بالأفكار والطرح السياسي والإداري والتنظيمي ، كوسيلة عمل بعيدا عن الاستئثار بالسلطة والتفرّد بالرأي وصحة التصرف وأصالة الانتماء ..كل ذلك لتحقيق آمال الشعب الذي لا يبحث عن الهيكلة والتشكيل ، إلا ليصل إلى تحقيق الهدف الأسمى والأساسي والمطلوب ، لمعيشة حرة كريمة ضمن بلده الخيّر المعطاء ، 

فقد بدأ هذا الحراك بطلبات لخدمات ورفض ظلم وترهل قرارات ، وغيرها من مظالم ، ولكننا شعرنا بتغييب تلك الطلبات الأساسية ، مما أدى لارتفاع الهتافات الى مستويات حاولت الارتقاء الى مطالب شاملة ، جاءت عبر ما صدر من قرارات أممية قديمة ، نجهل مآلها ، مما يوجب توضيح المطالب والمقاصد ليتم نقلها الى المواقع الاممية المختصة لعلها تستطيع الاجابة والعمل ، وفق واجباتها بما يلزم فعله عبر ما مر من تلك القرارات وفق الحال الراهن  ..  .

أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. حاول البعض تمرير بعض المواقف السيئة بنسبتها الينا دون مصداقية ، ونحن نرفضها ولم نؤيدها ولن نطلبها ، وقد سُئِلنا عن بعضها لمعالجتها ، كما أن وعي الحراك أدرك مكنونات الحقائق فعالجها ،  ونحن لا نرسل افكارنا وتوجيهاتنا  عن اي طريق ، ومع اي كان ، وأقوالنا واضحة ، وآراؤنا معلنة ، نطلقها على العلن عبر وسائل معروفة للجميع . 

ونحن نوجه بما يتوجب وفق ما يتناسب مع حقوقكم ، عبرالمسالك السلمية السليمة الأخلاقية البناءة القانونية ، تحت سقف الوطن والعدالة ونصوص القوانين الاصولية العادلة ، لا القرارات المرفوضة الهدامة ، ولا الغريبة عن واقعنا ، ودون عنف ولا إرهاب أو ترهيب ، ودون خرق للحرمات ، ولا مصادرة للآراء مهما كانت .

أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. نستنكر قتل المدنيين في كل مكان ، وندين كل الاعمال الاجرامية بحق المواطنين و الأوطان  ، فقد أدمى قلوبنا ما حصل مع أهلنا الأبرياء في الكلية الحربية ، وكل ما يحصل من اعتداءات على المدنيين الابرياء مدان بكل عبارات الشجب والاستنكار ، وفاعله يستحق القصاص مهما طال الزمان .ونؤكد أن كل من يدافع عن حقه وأرضه جدير بالحماية والتأييد ، لذلك فنحن كشعب عربي سوري قدّمنا الأرواح الطاهرة ، وبذلنا المال والأرزاق بسخاء في سبيل القضية الفلسطينية ، وأكّدنا من موقعنا في الرئاسة الروحية في كل المواقف والمحافل أن يأخذ الشعب العربي الفلسطيني الشقيق حقوقه كاملة ، وأن يقيم دولته المستقلة الحرة ، كما نؤكد على حرصنا الشديد على السعي لتحرير جولاننا الغالي ليعود للوطن الأم سوريا . 

   أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. لقد أصيب شعبنا العربي السوري عبر معاناته في الفترة الأخيرة بمصابٍ تمخض عنه ما نطلق عليه القضية السورية ، في البيت الداخلي .. عبر ما لحق الشعب السوري من تدمير وقتل ونهب ومحاولات تغيرٍ ديموغرافي وغيرها من قوى خارجية وداخلية ، وما تبعها من ويلات الحرب والعصابات المنظمة التابعة لجهات فاسدة ومسيّرة ، ومن سياسات تجويع وجبايات غير محقة وإفقار وفساد وتهجير قسري وضغوط ومصادرة آراء ، دون تدخلات اصلاحية ، بل بالعكس تماما ، فقد وُضعت الحكومة بمواجهة شعبها بقرارات مدمرة واجراءات مستهجنة ، وإهمال وفساد وإفساد عبر بعض الأجهزة الأمنية والإدارية ..ولا تزال اللامبالاة وترك الشعب لمصير مجهول دون التعاطي مع همومه ، بحجج واهية ووعود كاذبة أو بالتخوين والتهم الساذجة الباطلة التي تدل على ضحالة أفكارهم .. 

حيث تتم القراءات الخاطئة من جهات سلطوية قمعية بعيدة عن حرية الرأي ، مع تأكيدنا أننا طلاب سلام ، ولا نقبل بما تم من ممارسات قمعية ، وتسليط للأبناء على أهلهم ، وما كان يجري من اعتقالات تعسفية لأصحاب الراي ، ونحمّل المسؤولية لكل من يحاول قمع طالبي الحق ، ونهيب بعدم التصرف بأساليب قمعية قهرية مع الشعب الذي يطلب حقوقه..وان حقيقة الطرح ، ومحاولات التحريف والتزييف ، من الاسباب التي دعت الشعب للوقوف طالبا حقه المنتهك .. ولا تزال الجهود تنتظر اليقظة واحقاق الحق على الواقع . ولن تضيع طلباتكم تحت ستائر الترك ولا مبالاة الحكومة بما يشير لفشلها وفساد مؤسساتها .. 

أبناءنا .. أهلنا الأعزاء..  نهيب بكم .. ان تبقوا على قدر المسؤولية التي حملتموها بشجاعة و بوطنية وحرص ، فأصواتكم مهمة وفعالة ، ويجب ان تصل ، ويفترض ان تجاب طلباتكم فاطلبوها بأصولها ولا تحيدوا عنها ، ودون مبالغات ، مع احترامنا لما تصدح به حناجركم  ، ودون سلبية لنبقى كما نحن سلاما محقا ، وحقيقة مفروضة يجب إيصالها الى مبتغاها السليم ، ولامسوا أوجاعكم بتوجيه الأهداف والمطالب .. فقد أتيتم لتطلبوا ، والغاية المثلى المرجوة هي تغيير واقع مرير لوطن ، فأنتم لستم مجرد مشروع حراك عشوائي ، وليس المستقبل في الحراك نفسه ، بل يكمن فيما يريده الحراك من انطلاقه القديم منذ بدء الأزمة ، وصولا الى  هذا الحراك .. 

ولا ننسى دور رجال الدين الذين لم ينفصلوا عن أهلهم ووقفوا عند توجهات الدين بصون اللسان وحفظ الاخوان ، حيث كان الدين في تاريخنا مرافقا لمواقف الخير والحق والكرامة والوطنية ونصيرا مباركا يدعو بالتوفيق ولمستقبل افضل ، تحت شعار الدين لرب الجميع ، والوطن  لخير الجميع . 

 ولا يسعنا في هذا العرض لواقعنا وتوضيح مسيرتنا الا أن نبادر لشكر كل من آزر ولو باتصال اطمئنان عنكم ، وعن حقيقة ما تريدونه ، ولكل من قدم كلمة طيبة وأيد ما تصبون اليه ، من قوى محلية وعربية وعالمية ودولية ، فالعالم كله مهتم بكم ، ويؤيد ما انتم عليه ، منهم من جاهر برأيه ومنهم من احترمكم بصمت ولن يبقى احد مكتوف اليدين بمد العون ، وكلنا أمل بأن يسند أبناء الوطن بعضهم ، تحت راية الجمهورية العربية السورية وطن الاجداد ومستقبل الاحفاد ، لأننا نكره ان تستمر الفتن لا سمح الله وأن تنجح بشيء لا نريده ولا تحمد عقباه ، لأننا  حريصون على كل صوت ، وكل شخص ، وكل من وقف ، وحريصون على هيبة الشعب أولا ، وعلى الأبناء المخلصين في مواقع القرار لتتضافر الجهود ، ويكون استقرار النفوس ، واصلاح كل ما وقع من اخطاء وفساد غير خاف على أحد ، مع التأكيد على إزالة كل المظاهر السلبية التي جاهر الشعب برفضها .

أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. حين يسكت الشعب ، فقد يكون صمته انتظارا لمن بيده القرار ، أملا بالإنقاذ ، أصبحنا نُحارب بلقمة عيشنا ، فالوضع الاقتصادي اصبح في الحضيض ، ويبدو ان القرار ليس بيد الحكومة الصامتة عن الايجاب ، ولا نعلم ، هل هذه الحكومة الفاشلة هي من تصدر القرارات السيئة ؟.! أم أن أيد خفية تسرقنا من خلال أشخاصهم .. وليكن مهما يكن السبب .. فقد قال الشعب كلمته .. حين لم يجد مسؤولا منقذا ، ولا حتى بمصداقية نقل الهموم ، ولا بمصداقية التعامل ..ولنكن امام خيارات وطنية صادقة تكف الايادي الخفية ، او تعمل بمصداقية وتخصص ووطنية ..  

أبناءنا .. أهلنا الأعزاء .. قلنا أن الأعلام كثرت في بلادنا ، فقد وقعت عدة بقاع من وطننا السوري تحت احتلال  جهات أجنبية ، تمثل عدة دول في العالم ، وقد سيطرت بالعنف أو بادعاء الحماية أو بالإيجار أو بالتواجد المفروض ... فأين هو حق الشعب بأرضه وثرواته ومصالحه التي بذل الأرواح والأرزاق لأجلها .. ألا نخجل من أرواح شهدائنا الذين هبوا لقمع الإرهاب والاحتلال  عبر حقبة طويلة من  الزمن الماضي والقريب ؟..  ونلفت النظر هنا أن الشعب لا يحمّل الجمائل على تضحياته لأحد ، استشهد ابناؤه على ارض الوطن ، فداء الوطن والكرامة ، سواء في صفوف المدنيين والفازعين ، أو في صفوف جيش الوطن الذي نفخر ببطولاته ، لأن أبناءنا هم أركانه وهم عماده وهم قرابين الوطن من خلاله ..

لذلك فنحن ننادي باسم الشعب العربي في الجمهورية العربية السورية كلها ، بأن هذا الشعب يستحق العيش في الحد الأعلى للعيش الكريم ، شعب لم يعد يرضى بالحدود الدنيا ، ولم يعد يرضى بتعاقب الفاسدين وعبورهم دون حساب . 

ولن تغير صورتنا بعض الصور والمسرحيات والتأويلات ، فالحراك وطني واضح وضوح الشمس ، ولا يحتاج لتفسير أو تأويل... نحن لا نملي على احد ، ولن نفند طلبات الشعب لأحد ، ونؤكد على كل ما جاء في بياننا المؤرخ في 19/8/2023 ، ولا يهمنا اي قول غيره ... فقد طلبنا العيش الحر الكريم ويجب وضع الحلول المعروفة الجلية ، والمباشرة لا الاستماع الى من يحللون ويفسرون الوقائع والطلبات بخلاف حقيقتها .. وخاصة من خلال إعلام فاشل يدعي الوطنية ، ولكنه متسرع لا يلامس هموم الشعب ولا معاناة المجتمع ولا سوء الواقع ، ويجتهد بمحللين يقلبون الحقائق ، ويشوهون الأمور ، ويبثون الفتن من خلال آرائهم السطحية العدائية .   

 ونضيف لمن يحاولون التحريف والتزييف .. و في منتهى هذه العجالة التي أحببنا التواصل معكم  بها ..لم يتكلم الشارع الحر الأصيل بالسياسة في بداية الأمر علما ان شعبنا هو سيد من تكلم بالسياسة ، ولكنه الآن يقف عند كرامته ولقمة عيشه وحياته في وطنه ومستقبل أولاده والحرص على ثرواته ... هذا هو الجوهر ، وهذه بعض من المشاكل التي هب الشعب لطلبها ..وهذا غيض من فيض .. 

لذلك فأمل الشعب بالإصلاح كبير من أهله ، والأمل بالحل السريع الناجع واسع .. فلا خطأ في ما يقوله الناس ، والشعب لا يخطئ . ولا صعوبة بتحقيق طلباته بعد صمت طويل ووجع كبير .. على أمل بناء دولة سليمة اقليميا وعالميا ، ولائقة على مستوى دولي جدير باستحقاقات هذا الشعب الصامد .  وتحية احترام وتقدير لكل ابنائنا الميامين الصادقين المخلصين  أحرار العقول ، وانقياء القلوب .                       والله ولي التوفيق  

 جبل العرب - قنوات - 29/10/2023