تحكّم الانسان في تغيّر المناخ

الكاتبة والباحثة الاستاذة 

إيمان أبو شاهين

تعمل الصحف على نشر الكثير من الدراسات والابحاث التي تتكلّم عن التغيّر المناخي، وعن دور الانسان في حدوث هذا التغيير. 

بدءاً من الاحتباس الحراري، الى ثقب طبقة الأوزون، ثمّ ذوبان الجليد في القطب الشمالي من الأرض، والفيضانات التي تحصل نتيجة لذلك.  

كما تتكلم عن الكوارث الطبيعية التي لا حيلة للإنسان فيها، كالزلازل والاعاصير وغيرها من غضب الطبيعة... ودائما، يحمّلون السلوك الانساني المسؤولية الرئيسية تجاه هذا التغيّر الذي يحدث. 

في المقابل تتكلّم  الدراسات والأبحاث، عن إمكانية الانسان في إدارة مناخ الأرض وتعديله  الى الاحسن في المستقبل، عبر طرح  نظريات عديدة منها:

- نظرية الاستمطار الصناعي. حيث تخبرنا بأن الانسان حاول منذ القدم استنزال المطر، ولو أنه لم يتبّع في البداية المنهج العلمي، وإستخدام المدافع في بدايات القرن التاسع عشر لإطلاق النار في السماء من أجل التأثير على السحب الموجودة، وإخلال التوازن في الغلاف الجوي  ليتسبب بدوره في هطول المطر. نظرية زرع البذور الجليدية لتلقيح السحب، (وهي عبارة عن ثاني أوكسيد الكربون الصلب) ليتسبب بهطول الامطار.  

تمّ تجربة هذه النظرية عام 1946، وبعد نجاحها تمّ استعمال يوديد الفضة في تبذير السحاب لإنتاج الثلج والمطر وتوفير المياه للزراعة والاستعمال المختلف... ذلك لأن التركيب البلوري ليوديد الفضة يتشابه مع الثلج الطبيعي... 

- نظرية تنظيف الغلاف الجوي من غاز ثاني أوكسيد الكربون، الذي يلعب دوراً كبيراً كما يقال في مفعول الامتصاص الجوي الذي يتسبب بإرتفاع درجة حرارة الأرض. 

هذا الارتفاع الذي يهدد بعواقب وخيمة على المناخ والحياة على هذه الأرض. وتبدأ الحلول المقترحة لتنظيف الغلاف الجوي من الكربون بحسب هذه النظريات من الحل البسيط الى الحل الشديد التعقيد.   

الحل البسيط: 

يتعلق الحلّ البسيط بحسب هذه النظريات بالسلوك الإنساني في التعامل مع الكهرباء وضرورة ترشيد انفاق الماء، مع ضرورة استعمال الطاقة النظيفة (كطاقة الشمس، وطاقة الرياح)، والحفاظ على الغطاء النباتي للأرض... 

الحلول المعقدة التي تطرحها هذه النظريات: 

- تتقدم هذه النظريات بفكرة انشاء غابات اصطناعية لإزالة ثاني اوكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وتسميد المحيطات بالحديد لتحفيز نمو العوالق النباتية التي تمتص ثاني أوكسيد الكربون في صخور البازلت، والاستفادة من ثاني أوكسيد الكربون وتحويله الى طاقة. ويقال انه يوجد محاولات عديدة لتوليد الكهرباء من ثاني أوكسيد الكربون في المستقبل...  

هذه النظريات تطرح  فكرة تبريد كوكب الأرض عبر التحكم في الشعاع الشمسي وتقليل حرارة الشمس الذي سيسهم بالتبريد المزعوم لكوكب الأرض والتوازن بينها وبين تزايد ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي وذلك عبر عدة حلول مقترحة: 

- إقتراح نثر الكبريت في الغلاف الجوي ليعكس اشعة الشمس مقارنة بما حدث عام 1991، عندما إنفجر بركان بيناتوبو قاذفاً كمية هائلة من الكبريت في الغلاف الجوي حيث نتج عن ذلك إنخفاض مدهش في درجة حرارة الأرض.          

-إقتراح وضع مرايا عملاقة في الفضاء تعكس اشعة الشمس إلى خارج الغلاف الجوي. أو صنع مظلات عملاقة في الفضاء لتقليل اشعة الشمس.  

لكن المشكلة في هذه الطرق أنها معقدة ومُكْلِفة مما قد يمنع او يحدُّ من تطبيقها مستقبلاً. بالإضافة إلى هذه الحلول المقترحة، فهناك بعض الحلول النظرية التي قد أقتبست من أفلام الخيال العلمي والتي قد تستخدم الأقمار الاصطناعية للتحكم في مناخ الأرض والسيطرة على العواصف الثلجية والبرق والاعاصير. 

إلا أن المشكلة الواقعية في هذه الحولّ هي، أنّ الأقمار الاصطناعية أعقد مما نتصور، وتحتاج الى أنظمة معقدة، وتقنيات متقدمة جداً لتوليد الموجات الكهرومغناطيسية ذات الطاقة العالية، مع مدافع الليزر ومدافع الميكروويف. 

ويحكى عن أبحاث عديدة وتجارب علمية  مهمة حول إستخدام الليزر في هذا المجال. 

وبالنسبة لبعض الباحثين فيعتقدون من وجهة نظرهم، أن أستعمال هذه التقنية في المناخ ليست إلا مسألة وقت ليس أكثر. 

ورغم أن الهدف من موضوع التحكم في التغيّر المناخي هو للتقليل من الاثار السلبية الناتجة عن التغيرات المناخية التي تشهدها الأرض كما يقولون، فإن القسم الذي يتعلق بنظرية الحل البسيط، أي التحكم بالسلوك البشري في التعامل مع طاقة الكهرباء والماء، والمحافظة على الغطاء النباتي... هو أمر ممكن وملزم في نفس الوقت.  

غير أن السؤال الذي يطرح نفسه هو، حول التحكم النظري بالمناخ عبر الحلول المعقدة أي عبر هندسة المناخ.

فهل الحل المعقد أي ما يسمى بهندسة المناخ هو طرح آمن؟؟؟ 

هناك طروحات نظرية عديدة منها: 

- عرض انشاء أبراج تبييض السحب. حيث يمكن للسحب البيضاء ان تعكس الحرارة القادمة من الشمس الى الخارج للتقليل من كمية الحرارة التي تصل الى الأرض. 

- عرض بناء الكتلة الجليدية  التي تصنعها غواصات مصممة  خصيصا لذلك، من اجل الحفاظ على الجليد في القطب الشمالي. 

- طرح تغذية المحيط بغاز ثاني أوكسيد الكربون عبر نفله من الغلاف الجوي الى قعر المحيطات. ويتم ذلك عَبْرَ تقنية تغذية المحيطات بالحديد للمساعدة على نمو بعض أنواع الطحالب المجهرية القادرة على امتصاص ثاني أوكسيد الكربون. 

- عرض التحسين الصناعي ويهدف الى ضخ مياه المحيطات العميقة الى السطح عبر انابيب كبيرة. والصعوبة في هذه التقنية هي، انها تطلب الاستمرارية بتطبيقها وإلا تأتي نتائجها معكوسة. 

- الطرح النظري لحجب ضوء الشمس عبر بناء هيكل في الفضاء خصيصا لذلك. طبعا هناك اختلاف في المواقف والآراء حيال هذه الحلول. لكن الكثيرين يعتقدون، بأن تحكم الانسان بالمناخ قد يكون آمنا ومفيداً عير الطرق البسيطة، لكنه ليس كذلك مع حل هندسة التحكم بالمناخ، أي مع الحلول المعقدة للتحكم بالمناخ.  

لأن اي خطأ بشري يقع سهواً في هذا المجال، ومهما كان صغيرا، سيكون انعكاسه على الأرض والمناخ  كارثيا. وعوض التقليل من مشاكل المناخ السلبية فقد تدخل الأرض في مرحلة الموت المحتّم. 

لهذا فمن الافضل للبشرية جمعاء، اتباع  الحلول البسيطة دون غيرها من الحلول، والتخلي عن الحلول المعقدة وعن نظرية هندسة التحكّم في المناخ، وترك الطبيعة تتحكم نفسها بنفسها، خاصة وانها الأكثر تخصصاً في ذلك. 

المصدر : -موقع العربية الالكتروني
- موقع المستقبل الأخضر الالكتروني 
-موقع البيان الالكتروني 
-موقع الجزيرة الالكتروني