للأزمة فوائد....الدفع باتجاه الزراعة والتصنيع

عامر ملاعب - 11-4-2021


يمكن تأريخ العام 2020 كمحطة مفصلية في تاريخ لبنان الحديث، وعلى كل الصعد وبمختلف الميادين، بالرغم من غموض المستقبل. الأكيد والواضح أنّ كل المؤشرات تشي بموت الفكرة “اللبنانوية” السابقة، أو بالحد الأدنى ستكون معالجات القضايا مغايرة عن فلسفة رواد الكيان السابق وكأنها سنة نهاية مشروع الكيان في مئويته.

انهيار اقتصادي، تفشي وباء كورونا، انفجار المرفأ، تفكك صورة المنظومة الحاكمة وانكشافها معنوياً على الأقل…، إرهاصات النهاية تبدّت بشرارة الثورة “المخملية” في 17 تشرين 2019، حيث كانت لحظة انفجار فقاعة الوهم التي عاش عليها مشروع ميشال شيحا وورثته وصحبه حتى رفيق الحريري أكثر من قرن من الزمن، في هذه الأثناء تهاوت كلّ أقنعة النظام أو بوصفٍ أدق تركيبة العصابة المافياوية المستغِلة التي نهبت خيرات البلاد.

فوائد الأزمة

كيفما كانت النتيجة ومهما ساءت الأحوال فإن الأزمة ذات فوائد، ومن قال أن الأزمة كارثة فقط؟ ومن قال أنه لا يمكن الاستفادة من الأزمة وتحويلها إلى فرص؟.

بعد 17 تشرين بدأت بشائر الأزمة، أوّلها اعتراف أركان السلطة والاقتصاد الحاكمة بالأفق المسدود ووصول المسار إلى نهايته المتوقعة. وكان لجائحة كورونا أن تزيد الطين بلّة، إذ اهتز الاقتصاد العالمي وتغيّرت مفاهيم العلاقات الدولية بلحظة، فهل يصمد لبنان الهش ويتحدّى تساقط المؤسسات التجارية والسياحية والخدماتية؟.

دون بحث ميداني علمي وبأرقام رسمية يمكن ملاحظة مجموعة من المعطيات تشي بتغيرات كبيرة ستترك أثرها في المستقبل القريب والبعيد:

أوّلاً الهجرة المعاكسة من المدن إلى القرى اللّبنانية كانت واضحة للعيان، عودة كبيرة وعودة أكبر إلى ممارسة العمل الزراعي ولو كان في البداية على سبيل التسلية وتعبئة فراغ الوقت. وهذه وإن كانت شكلية ولكنها عميقة الأثر في إعادة الاعتبار النفسي والمادي لمهنة، عوملت وكأّنها من الرذائل في العقود السابقة.

الكثير من هذه التجارب في هذا العام سجّل فشلاً ذريعاً لأسباب متعددة منها:

غياب الخبرة، صغر المساحات الزراعية، التغيّرات المناخية الحادّة، ارتفاع أسعار المواد الأوّلية، التفاؤل المفرط بحجم وكمية الإنتاج، الأمراض الفتّاكة للمزروعات، إغراق الأسواق، غش واسع النطاق في أنواع وجودة البذار، انعدام الرقابة الرسمية… الخ.

المناضلون الجدد: تجارب واعدة

الفشل في التجارب السابقة بشكلٍ عام لا يمنع من وجود تجارب مضيئة يمكن قراءتها من زاوية التأسيس لمرحلة قادمة. وبعض الإضاءات على تجارب أفراد وجمعيات ومجموعات يعني أن الإصلاح والنهوض بالقطاع يحتاج للوقت والجهد الكبير ولكن لا مفرّ من المحاولة والنجاح مهما كلّف الأمر.


الزراعة بين جيلين: حلواني ونجله


ومن الأمثلة على وجوه سجّلت خلال هذا العام نقاطاً مضيئة في لفت الانتباه ودفع القطاع قدماً نحو الأفضل، مثلاً الناشط الاجتماعي والخبير الزراعي مازن حلواني في منطقة الشوف حيث يمضي جلّ وقته في تسجيل فيديوهات تدريبية ويقيم دورات عملية في القرى عن السبل الفضلى للزراعة والعناية بالأشجار وصنع السماد الطبيعي من بقايا الطعام ونفايات الحقول من الحشائش. التميّز عند حلواني أن في تواصله اليومي يرافقه نجله سراج (13 سنة). هو الناشط اليومي في توزيع المحاضرات والمشاركات العلمية بين الجمعيات والتعاونيات والأندية في القرى اللّبنانية كافة وبالتعاون مع جمعيات ومؤسسات محلّية ودولية ولا يتوقف عند جائحة كورونا ومخاطرها.


جرادي بين النحل والزعفران

في حين ينشط حسين جرادي في منطقة الجنوب بمشاريع تتعلق بالنحل وكيفية تطوير القطاع، وقد اجتاز مراحل متقدمة في الخبرة والتعمق في هذا القطاع الحيوي وقد أضاف إليها هذا العام تجربة زراعة الزعفران كمرحلة اختبارية أولى ومعرفة الجدوى الاقتصادية منه في السنوات المقبلة.



المناضل حافظ جريج: حماية ملّاحات أنفة وزراعة الزيتون

لا يتعب المناضل حافظ جريج من النضال، هو من ارتبط اسمه بحملات الدفاع عن ملّاحات شاطئ أنفة بوجه كارتيلات البناء ونهب الأملاك البحرية، هو من ارتبط اسمه بملح تلك البقعة وعاش في بحر الشمال كبطل يرفض العدوان عن هذه الأماكن المميّزة. يعمل اليوم جريج على إقامة معارض متخصّصة للملح وبالتوازي استكمل مشروع تشجير حقلي بأشجار الزيتون وغيرها من الأشجار المثمرة.