الصوفية منهج الحقيقة والتعبد لله

 

طارق ناصر الدين - 31- 3- 2023

أحبتي قراء مجلة الرأي الآخر، كما عودتكم في زاوية كلمة ومصطلح أن نضيء على المعرفة لنزداد بمحبة الله ونتنور في طريق الحقيقة واليوم سوف نستعرض معكم مصطلح  الصوفية.

 إن الصوفية مصطلح تقابل كلمة mysticism،  والتي تتحدر من اليونانية mystikos، بمعنى (خفي، غامض، ملغز).

 والصوفية كلمة شكلية أتت من معنى المؤمنين الذين يتزهدون ويتنسكون ويزهدون بالحياة الدنيا ويلبسون الصوف، فالصوفي شكلاً هو الرجل المتعبد الذي قصد الجبال والخلوات البعيدة عن البشر اكتسى بصوف الحيوانات زاهداً بكل متاع الحياة.

  انتشرت حركة التصوف في العالم الإسلامي في القرن الثالث الهجري كنزعات فردية تدعو إلى الزهد وشدة العبادة، ثم تطورت تلك النزعات بعد ذلك حتى صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق الصوفية.

 ونرى أن الصوفية أو التصوف  وفق الرؤية الصوفية ليست مذهبًا، وإنما هو أحد مراتب الدين الثلاثة (الإسلام، الإيمان، الإحسان)، فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام، وعلم العقيدة بالإيمان، فإن التصوف اهتم بتحقيق مقام الإحسان، مقام التربية والسلوك، مقام تربية النفس والقلب وتطهيرهما من الرذائل وتحليتهما بالفضائل، الذي هو الركن الثالث من أركان الدين الإسلامي الكامل بعد ركني الإسلام والإيمان. 

ونلاحظ أيها القراء الأعزاء  أن الإسلام يُعبّر عنه بالشريعة، ومقام الإيمان بالطريقة، ومقام الإحسان بالحقيقة.

  فالشريعة: تكليف الظواهر، والطريقة: تصفية الضمائر، والحقيقة: شهود الحق في تجليات المظاهر. 

 فالشريعة أن تعبده، والطريقة أن تقصده، والحقيقة أن تشهده وتراه بقلبك وتتيقن حقيقة ما تراه برضى وتسليم. 

 إن مذهب الصوفية يقول أن العمل إذا كان حدّه الجوارح الظاهرة يُسمى مقام الإسلام، وإذا انتقل لتصفية البواطن بالرياضة والمجاهدة يُسمى مقام الإيمان، وإذا فتح على العبد بأسرار الحقيقة يُسمى مقام الإحسان. 

والإحسان كما تضمنه حديث جبريل عليه السلام هو: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك). 

إذن فقد علمنا أن الصوفية منهج أو طريق يسلكه العبد للوصول إلى الله، أي الوصول إلى معرفته والعلم به وذلك عن طريق الاجتهاد في العبادات واجتناب المنهيات، وتربية النفس وتطهير القلب من السيئات وتحليته بالأخلاق الحسنة. 

والله من وراء القصد.