ظل الملائكة على الارض - الحلقة الثامنة -  مركز وجمعية الهدى العبادية

الشيخ مكرم المصري - 3- 5 - 2023


تعتبر جمعية الهدى الخيرية في العبادية ، جمعية ثقافية إجتماعية صحية وسياحية. تأسست في العام ١٩٣٠ على مبدأ الخير والعطاء والتطوع من أجل الإنسانية والرعاية المجتمعية وحازت على العلم والخبر رقم ١٩٣٣/ ٧٣. كان ومازال شعارها نعمل من أجل سلامة المجتمع صحيّاً، ثقاقيأ وإجتماعياً. 

يهتم المركز المذكور والجمعية بدور المرأة في المجتمع. فتؤمن لهم دورات تدريبية مختلفة للتموين المنزلي والخياطة والحرف اليدوية ويساعدون على خلق فرص عمل، وتنظيم معارض دورية ذات مستوى عالي لتسويق منتجاتهم.


بالشق الثقافي تؤمن الجمعية منح مدرسية للطلاب وتتشارك مع مدارس وثانويات المنطقة بنشاط يسمونه " أُدباء الغد " وهو عبارة عن مسابقات أدبية في الشعر والنثر.

في العام ١٩٣٦ أسست جمعية الهدى أول تعاونية زراعية في لبنان والشرق الأوسط بإشراف وزير الزارعة آنذاك إبن العبادية المغفور له الأستاذ فؤاد النجار وهو من الأعضاء المؤسسين للجمعية الى جانب نخبة من رجال العلم والأدب والشعر، والمزارعين، والمثقفين.

 ما زالت التعاونية الزراعية موجودة في تطور دائم بإدارة مستقلة تساعد المزارعين في تصريف إنتاجهم والسيدات في بيع المونة البلدية عبر بيت المونة .


في العام ١٩٦٧ اسست مستوصفا للخدمات الصحية بالتعاقد مع جمعية الإنعاش الإجتماعي التي هي حالياً وزارة الشؤون الإجتماعية لمعالجة أمراض القلب، والأطفال ، والأسنان ، والطب النسائي بالإضافة الى تأمين الأدوية ولقاحات الأطفال من وزارة الصحة. 

شملت خدمات المستوصف أبناء المنطقة والإشراف على صحة ولقاحات الأطفال في البيوت والمدارس ، كان مركزا ميدانيا في أزمة الحرب طيلة عشرين سنة يقدم الخدمات الصحية والإسعافات الأولية. 

في العام ٢٠١٣ كانت النقلة النوعية بمساعدة مؤسسة الوليد بن طلال الإنسانية بتجهيز المركز الصحي وزيادة العيادات والمعدات ومع هذا التغيير وفي العام ٢٠١٥ أصبح المستوصف مركزا للرعاية الصحية الأولية بإشراف وزارة الصحة العامة وبدأت النهضة الطبية بزيادة عدد الأطباء المتخصصين: طب القلب والشرايين ، والطب النسائي والتوليد ، الصحة العامة، طب الأسنان، العين ، الأنف والأذن والحنجرة ، طب العظم والمفاصل، جراحة المعدة والغدة والأمراض السرطانية ، طب الأطفال، التغذية، الغدد ومرضى السكري، الجلد، والعلاج الفيزيائي . 

ازداد عدد المستفيدين من المركز: المرضى المزمنين والمسنين وتضاعفت ملفات الادوية، منها المزمنة من جمعية الشبان المسيحية ymca ومنها العادية من مستودعات وزارة الصحة وجميعها توزع مجانا على المستفيدين، والتزمت الجمعية بوضع مبلغ من المال في الصيدليات لمساعدة المرضى المحتاجين بالإضافة الى التزامها بمساعدة المرضى في العمليات الجراحية بحسب امكاناتها. 


وضعت الجمعية جهداً جباراً في تجهيزات إدارية ولوجستية وخضع الإداريون والموظفون لدورات تدريبية عديدة وضعتها وزارة الصحة من أجل رفع مستوى الخدمة الصحية في المراكز وتطبيق مواصفات عالية الجودة توازي المستشفيات والعيادات الخاصة من حيث الخبرة والتعقيم والنظافة، ودورات في تنظيم وأرشفة ملفات المرضى الكترونياً وهي موصولة مباشرة مع وزارة الصحة ، واستحدثت غرفة خاصة لتعقيم المستلزمات، دورة عن الأمراض الغير إنتقالية كالضغط والسكري وأمراض القلب، إجراء فحص ncd لكل مريض يدخل المركز يتضمن فحص الضغط والسكري والوزن للوقاية الصحية المسبقة، دورات عن لقاحات الأطفال، الرضاعة الطبيعية، الأمراض الجرثومية والبكتيرية بالتعاون مع وزارة الصحة ومنظمة اليونسيف ومنظمة الإغاثة الدولية relief.

وفي فترة جائحة كورونا تكثفت الدورات والتوصيات وتأمين المعقمات ولوازم الوقاية وأصبح مركز جمعية الهدى بكامل الجهوزية في متابعة المرضى في البيوت وتأمين أجهزة الأوكسجين والأدوية وفرز غرفتين مجهزتين للطوارىء، وكانت العناية والإحاطة بالأهالي كبيرة جدا صحياً وإجتماعياً ومادياً وما زالت جمعية الهدى تبذل أقصى جهدها لتعزز دورها ومسؤوليتها بفضل إدارة وأعضاء وموظفين ومتطوعين مثابرين مخلصين يتفانون بعملهم وعطائهم وبفضل أطباء يمارسون رسالتهم المهنية برحمة وإنسانية وكفاءة عالية.


وفي ظل الظروف الإقتصادية الصعبة في البلد كان للخيرين وأصحاب الأيادي البيضاء من مغتربين ومقيمين الدور الكبير في استمرارية عمل الجمعية والمركز الصحي.
تجدر الاشارة إلى أن جمعية الهدى الخيرية في العبادية والمركز الصحي التابع لها، يتمتعان بثقة عالية من المجتمع ومن الوزارات والرسميين على حسن تنظيمهما وأدائهما في كافة المجالات التي ذكرت سابقاً، كما أن صداقة كبيرة تربط اعضاء جمعية الهدى ومركز الهدى العبادية بكافة الجمعيات، وحالياً يعملون على تنسيق تام مع اللجنة الإجتماعية في المجلس المذهبي لطائقة الموحدين الدروز وتجمع الجمعيات النسائية في الجبل ببرنامج "سند" الذي يدعم العائلات الغير ميسورة والتشبيك بين المناطق في الشق الصحي لخدمة المرضى وتسهيل أمورهم.


الطموح الكبير الذي يميز القيمين على هذه الجمعية، يدفعهم إلى التوسع والتطور لتكون خدماتهم أوسع، كما ولديهم رؤية مستقبلية حافلة ويتأملون خيراً ويطلبون من الله التوفيق.

 وأخيراً، توجهت رئيسة الجمعية السيدة لمياء مكارم حمدان بالشكر لنا شخصياً ولمجلة الرأي الآخر على الإهتمام بالإضاءة على عمل المؤسسات الصحية ومسيرتها الناجحة في كتابة صفحات بيضاء من التاريخ، معبرة عن فخرها بهذا الإنجاز على صعيد الجبل والوطن. ونحن بدورنا نتمنى لهم ولأمثالهم كل الخير والتقدم والتوفيق.