أمن الممرات البحرية جزء لا يتجزأ من أمن الطاقة

الوضع الطاقي والممرات المائية في ظل الاحتدامات العسكرية في المنطقة

الدكتورة جميلة مرابط

رئيسة مجلس الباحثات المتعدد التخصصات


ملخّص تنفيذي تدرس هذه الورقة التأثيرات الراهنة للمواجهة العسكرية المباشرة على منظومة الطاقة الإقليمية وعلى الممرات المائية الحيوية (مضيق هرمز، باب المندب، قناة السويس وشرق المتوسط)  تعتمد الدراسة على أحدث البيانات الميدانية حتى 16 يونيو 2025، وتضع ثلاثة سيناريوهات محتملة لتطور الأزمة، مع توصيات استراتيجية لصناع القرار في الشرق الأوسط، إفريقيا، وأوروبا. 


 مقدمة :

شهدت منطقة الشرق الأوسط في 13 يونيو 2025 انتقالاً مفصلياً من حرب الظل إلى مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل . أسفرت هذه المواجهة عن ضربات صاروخية وجوية متبادلة طالت منشآت نووية وبنى تحتية نفطية وغازية، وأثارت مخاوف على سلامة الممرات المائية التي تُعد شرايين الاقتصاد العالمي. 

أهمية المنطقة في سوق الطاقة العالمي

• يساهم الخليج العربي بنحو 30٪ من إنتاج النفط العالمي، فيما تمتلك إيران رابع أكبر احتياطي نفطي وثاني أكبر احتياطي غاز في العالم. 

• تُصدّر إسرائيل الغاز من حقلي ليفياثان وتمار إلى مصر والأردن، وتعوّل أوروبا على هذه الإمدادات عبر مصر لسد جزء من الفجوة بعد الصراع الأوكراني.

• تقرير بلومبرغ (مايو 2024)قدّر أن اندلاع حرب شاملة قد يدفع أسعار النفط إلى 150 $/برميل ويقتطع تريليون دولار من الناتج العالمي. 

الممرات المائية الحيوية تحت التهديد

  • مضيق هرمز: يمر به أكثر من 20٪ من تجارة النفط العالمية يومياً. هدد الحرس الثوري الإيراني بإغلاقه إذا تعرضت منشآت إيران النووية لهجوم واسع.
  • باب المندب: تحوّل منذ 2023 إلى منطقة A2/AD بفعل هجمات الحوثيين على السفن التجارية؛ أي تفاقم للنزاع قد يُغلق هذا المضيق ويُرغم السفن على الالتفاف حول رأس الرجاء الصالح.
  • قناة السويس: تعتمد على استقرار باب المندب؛ أي تعطل سيرفع تكاليف الشحن والتأمين ويؤثر على واردات أوروبا.
  • شرق المتوسط: حقول الغاز الإسرائيلية وقبرصية عرضة لاستهداف بالصواريخ أو المسيّرات من حزب الله أو إيران.

أثر التصعيد العسكري على أسواق الطاقة

شهدت أسعار خام برنت ارتفاعاً تجاوز 12٪ خلال أسبوع الصراع (13–16 يونيو 2025)، بعدما لامست 74.9 $/برميل . كما ارتفعت عقود الغاز الأوروبي 18٪ نتيجة المخاوف من استهداف حقول ليفياثان وتمار.

أوقفت ناقلات النفط عمليات التحميل في جزيرة خارك الإيرانية، بينما علّقت إسرائيل تصدير الغاز لمصر والأردن عقب تضرّر خط الأنابيب البحري.


تحليل السيناريوهات المحتملة

تستند السيناريوهات إلى مستوى الانخراط العسكري ومدى تهديد الممرات:

السيناريوتأثير الطاقةتأثير الممرات
تصعيد محدودارتفاع مؤقت في الأسعار؛ تعطّل جزئي في صادرات الغاز الإسرائيليتهديد رمزي وإجراءات أمنية مكثّفة
حرب إقليمية شاملةشلل في إمدادات النفط والغاز؛ قفزة أسعار تتجاوز 150 $/برميلإغلاق محتمل لهرمز وباب المندب
تهدئة بضمان دوليعودة تدريجية للأسعار واستئناف التصدير خلال 3–6 أشهرتأمين دولي للملاحة – تحالفات بحرية


التوصيات الاستراتيجية

 الدول الخليجية: تعزيز الدفاعات البحرية، وتنسيق مخزونات الطوارئ لتثبيت الأسعار.

 الاتحاد الأوروبي: تسريع مشاريع الربط مع الجزائر ونيجيريا، ودعم أمن شرق المتوسط.

 المغرب وإفريقيا: متابعة آثار الأسعار على الموازنة، والاستثمار في الطاقات المتجددة لتقليل التبعية.

 المجتمع الدولي: إنشاء آلية مراقبة بحرية دائمة في هرمز وباب المندب بإشراف أممي. 

خاتمة

تكشف المواجهة الإيرانية – الإسرائيلية هشاشة منظومة الطاقة العالمية، مؤكدة أن أمن الممرات البحرية جزء لا يتجزأ من أمن الطاقة. إن بقاء الصراع في نطاق محدود رهن بحسابات دقيقة للطرفين، لكن أي خطأ استراتيجي قد يُحدث صدمة نفطية عالمية جديدة.

@جميع الحقوق محفوظة