الرّوائيّة أحلام أبو عساف..قصّة نجاح من رحم الألم والمعاناة


سهيل حاطوم
تحدّت المرض وألم فقدان ورحيل ابنها الوحيد وتمسّكت بالصّبر والإيمان لمواجهة صعوبات الحياة، واتّخذت من الكتابة سبيلاً لها لتنقذ نفسها من الكآبة، وتمكّنت بالإصرار والثّبات أن تحوّل معاناتها إلى قصّة نجاح وتتابع مسيرة حياتها رغم كل التّحديات وتنجز كتابة أربع روايات من رحم المعاناة..
إنها الكاتبة والرّوائية أحلام برجس أبو عسّاف ابنة محافظة السويداء جنوبي سورية التي أصرّت بإيمانها وقوّة عزيمتها أن تكون ناجيةً من مرض السرطان لا ضحيةً له وأن تكتب حتى تشفى من الكثير من الجراح في حياتها والمعاناة التي تجسّدت في قصّة طلاقها بعد عشرين عاماً من الزّواج وانتقالها من الريف إلى المدينة وإدارتها لمدرسة في القرية وصولاً إلى تغلبها على السرطان ..

واجهت الكثير من التّحديات وتغلّبت عليها بالكتابة، فأطلقت روايتها الأولى ( ظمأ إمرأة ) والتي لاقت نجاحاً مبهراً وكانت صرخةً أنثوية حاولت فيها أن تتناول سيرتها الذّاتية بكل جرأة انطلاقاً من أنّ العودة إلى الذّات هي لحمايتها والشّفاء من جروحها..


لكنّها وهي بأوج نجاحها ، خطف المرض ابنها الشّاب والوحيد فادي فخسرت أعزّ شخصٍ عندها ، فكانت صدمةً كبيرةً لها، ومع ذلك لم تستسلم ولم تفقد توازنها ، بل شكّل ابنها الذي كان عازفاً يحبُّ الحياة دافعاً لها لمتابعة قصّة نجاحها ، حيث تقول : " من فيض حبّي لابني فادي الذي رحل عنّي باكراً تابعت ما كان يحبّه وأشعر أنّه معي، فتابعت الكتابة " ، مشيرة إلى أن قصّة نجاح فادي مع الحياة ومع الموسيقى وبدون مدرب جعلتها تُكمل مسيرته ..
إصرارها على الشّفاء من حزنها وبأن الكتابة هي خير شفاءٍ لها ، مكّنها من الاستمرار في هذا الطّريق، لتكتب روايتها الثّانية ( رحيل العوسج) ، والثّالثة ( وميض في جبال الأنديز ) وصولاً إلى روايتها الرّابعة ( صعوداً نحو الحبّ ) والتي خصّصت جزءاً من ريعها للتّبرع لدعم مرضى السرطان.


وتؤكد الرّوائية أحلام بأن الكتاب هو صديقٌ حقيقي والكتابة هي عالم آخر استطاعت أن تنقذها من الكآبة وتصنع فرقاً في حياتها، مضيفة.." باعتباري قارئةً جيدة تمكّنت من تحويل معاناتي إلى أحرفٍ من نور ، والمرأة التي تقرأ لا تشيخ أبداً..وقد تنجيك الكتابة من أشياء كثيرة حتى من نفسك "..
وتتابع .." قرّرت أن أحبّ ذاتي وعندما فشلت بالاحتفاظ بابني وابنتي التي تزوّجت بقيت وحيدةً، فأدركت أن هناك أحلاماً بحاجة إلى دعم ويجب أن أدعمها من خلال تفعيل هدفي في تطوير حياتي وحياة الآخرين ومساعدتهم، وعندما رأتني الناس متماسكةً ولم يختل توازني ، دعمت هذا الأمر".
كما تعتبر الروائية أحلام أن أول عنف يمارس ضدّ المرأة هو عنفها على ذاتها عندما تستهين بقدراتها وتبقى جاهلةً وخائفةً من التغيير وتنكره على غيرها، مؤكدة أنّ الثّقافة هي الدّواء لذلك الدّاء والكتاب الملاذ الآمن.
ولم تقف أيضاً عند حدود الكتابة الأدبيّة بعد شفائها من سرطان الثدي، بل اتجهت للفنّ التّشكيلي محاولةً توظيف هذه التّجربة في خدمة الأدب، والخروج من حالة الألم والحزن بعد نحو خمس سنوات على فقدان ابنها، وتسعى كذلك خلال الفترة القادمة لتعلّم العزف لتحقيق أمنيات ابنها فادي الذي كان عازفاّ.
الجدير ذكره أن الروائيّة أحلام أبو عساف من مواليد 1965/3/28، وحصلت على الإجازة في كليّة التّربية وهي بعمر 45 عاماً، وتحمل شهادة معهد إعداد المدرسين ومارست مهنة التّدريس وإدارة المدارس لعدة سنوات، وبالإضافة لرصيدها من الروايات الأربع نشرت العديد من القصص القصيرة في الصّحف المحلية ومجلة المعلم العربي، إلى جانب كتاب إلكتروني بالقصص القصيرة بعنوان ( للعمى ألوان أخرى).