السَّائِرُ فِي لَيْلِ الحُبِّ. 🍂

الكاتب عماد  أ. الاعور

يَا سِرِّي فِي سِرِّي،

وَيَا أُنْسِي حِينَ تَخْلُو الدُّنْيَا،

وَيَا نُورِي إِذَا أَظْلَمَتْ سُبُلُ النَّفْسِ،

وَيَا حُبِّي إِذَا بَخِلَتِ القُلُوبُ.
أَنَا العَابِرُ فِي مَجَاهِلِ نَفْسِي،

أَتَعَثَّرُ بِظُلْمَةِ أَنَانِيَّتِي،

وَأَحْمِلُ بَيْنَ أَضْلُعِي رَجَاءً وَاهِنًا،

لَوْلَا حِلْمُكَ مَا مَشَيْتُ،

وَلَوْلَا رَحْمَتُكَ مَا خَطَوْتُ،

وَلَوْلَا نُورُكَ مَا اهْتَدَيْتُ.
يَا رَبِّ،يَا مُبْدِعَ الجَمَالِ،

يَا مَنْبَعَ الحَيَاةِ،

خُذْ بِيَدِي، خُذْ بِقَلْبِي، خُذْ بِرُوحِي،

وَأَلْقِنِي عَلَى شَاطِئِكَ الآمِنِ،

حَيْثُ لَا ظَلَامَ يَغْشَى البَصَرَ،

وَلَا أَنَا تَحْجُبُ الفُؤَادَ.
عَلَّمْتَنِي الغُرُوبَ دَرْسَ الانْكِسَارِ،

وَهَمَسَتْ لِي الظُّلُمَاتُ بِأَنَّ النُّورَ لَا يَغِيبُ،

بَلْ تَغِيبُ عَنْهُ القُلُوبُ المُغْلَقَةُ.
عَلَّمْتَنِي أَنَّ اللَّيْلَ الحَقِيقِيَّ هُوَ لَيْلُ النَّفْسِ،

وَحِينَ يَنْكَسِرُ قَيْدُهَا،

يَبْزُغُ الفَجْرُ مِنْ أَعْمَاقِ الأَعْمَاقِ.
فَلَكَ الحَمْدُ أَنْ دَلَلْتَنِي عَلَى عُبُورِي،

وَلَكَ الشُّكْرُ أَنْ فَتَحْتَ لِي بَابَ المَحَبَّةِ حِينَ سُدَّتْ أَبْوَابُ الدُّنْيَا.
يَا مَنْ لَا يَضِيقُ صَدْرُهُ بِسُؤَالِ السَّائِلِينَ،

وَلَا يَمَلُّ مِنْ أَنِينِ الرَّاجِينَ،

أَسْأَلُكَ أَنْ تَزْرَعَ فِي قَلْبِي حُبًّا لَا يَفْنَى،

وَوَعْيًا لَا يُغْلَقُ،وَحَنِينًا لَا يَسْكُنُ إِلَّا بِوَصْلِكَ.
اجْعَلْنِي يَا مَوْلَايَ رِيحًا لَيِّنَةً تَهُبُّ بِرِضَاكَ،

وَشُعَاعًا صَغِيرًا يَحْمِلُ مِنْ نُورِكَ،

وَمَوْجَةً هَادِئَةً تَسْرِي بِأَمْرِكَ.
لَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ،

وَلَا تَجْعَلْنِي عِبْئًا عَلَى طَرِيقِ السَّائِرِينَ إِلَيْكَ.
إِنِّي أُقِرُّ لَكَ بِالضَّعْفِ،

وَأَعْتَرِفُ بِالفَقْرِ،

وَأَتَشَبَّثُ بِرَحْمَتِكَ كَمَا تَتَشَبَّثُ الغَرِيقَاتُ بِخَشَبَةِ النَّجَاةِ.
يَا رَبِّ،

يَا مَنْ بِيَدِهِ مَفَاتِيحُ الأَسْرَارِ،

افْتَحْ لِي بَابَ فَهْمِكَ،

وَارْزُقْنِي يَقِينَ الصَّابِرِينَ،

وَاكْشِفْ عَنِّي حِجَابَ غُرُورِي،

وَحَرِّرْنِي مِنْ قَيْدِي،قَيْدِ الأَنَا الثَّقِيلِ.
خُذْنِي إِلَيْكَ،

خُذْنِي فَوْقَ جَنَاحِ الحُبِّ،

خُذْنِي فِي نَسَائِمِ الوَعْيِ،

خُذْنِي حَتَّى أَفْنَى عَنْ نَفْسِي،

وَأَحْيَا بِكَ وَحْدَكَ.
أُرِيدُ أَنْ أَمْشِيَ إِلَيْكَ لَا بِقُوَّةِ قَدَمِي،

بَلْ بِرَغْبَةِ قَلْبِي،

أَنْ أَرَاكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ،

أَنْ أَشْهَدَكَ فِي كُلِّ نَسَمَةٍ،

أَنْ أَتَنَفَّسَ ذِكْرَكَ كَمَا أَتَنَفَّسُ الهَوَاءَ.
اجْعَلْنِي يَا إِلَهِي بَيْتًا خَالِيًا مِنْ سِوَاكَ،

وَمَسْكَنًا لِنُورِكَ،وَمَقَامًا لِأَسْرَارِكَ.
لَا تَجْعَلِ الدُّنْيَا تُشَتِّتُنِي عَنْكَ،

وَلَا تَجْعَلْ مَا وَهَبْتَنِي يَحْجُبُنِي عَنْ وَاهِبِهِ.
أَنَا عَبْدُكَ الَّذِي يَتَلَعْثَمُ فِي مُنَاجَاتِهِ،

الَّذِي يَبْكِي فِي صَمْتِهِ،

وَيَفْرَحُ فِي حُزْنِهِ إِذْ وَجَدَكَ أَقْرَبَ إِلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ.
فَزِدْنِي حُبًّا،

وَزِدْنِي وَعْيًا،

وَزِدْنِي قُرْبًا،

وَزِدْنِي مَوْتًا عَنْ نَفْسِي وَحَيَاةً بِكَ.
يَا نُورَ النُّورِ،يَا حَقَّ الحَقِّ،

يَا حَبِيبَ الأَرْوَاحِ

،خُذْنِي حَيْثُ أَنْتَ،

وَاسْلُكْ بِي سَبِيلَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ،

وَاسْتُرْنِي بِسِتْرِكَ الجَمِيلِحَتَّى أَلْقَاكَ طَاهِرَ القَلْبِ،

 صَافِيًا، فَارِغًا إِلَّا مِنْكَ.آمِين.

@جميع الحقوق محفوظة