الفنانة التشكيلية ذهبية الخطيب..قصة نجاح وتميز ولدت من رحم المعاناة

سهيل حاطوم
رغم صعوبة الظروف التي واجهتها بعد وفاة زوجها ومن ثم تحملها لمسؤولية تربية ورعاية أبنائها وتأخر موهبتها .. إلا أنها تمكنت بفضل إرادتها وطموحها وإصرارها على مواجهة تحديات الحياة من أن تتميز وتبدع في ميدان الفنون التشكيلية وتتابع دراستها الأكاديمية وتتفوق على أقرانها وتصبح معيدة في الجامعة..
إنها الفنانة التشكيلية ذهبية الخطيب ابنة محافظة السويداء و المعروفة ب " لميس" والتي بدأت بالرسم كهاوية بعد أن ظهرت موهبتها في سن متأخرة ، لكنها وبدعم وتشجيع من أسرتها ومن شقيقتها الكبيرة والموهوبة في مجال الرسم ، استطاعت أن تتغلب على ظروفها الأسرية بعد وفاة زوجها وأن تصقل موهبتها وتتابع دراستها الأكاديمية في موازاة رعايتها لأولادها الثلاثة ولوالدتها ، وأن تحول معاناتها لقصة نجاح وتميز وإبداع ..


الفنانة التشكيلية ذهبية تشير إلى أنها تزوجت وهي بعمر 16 عاما ولم تكن حاصلة على شهادة الثانوية العامة وحين توفي زوجها حملت رسالة تربية أولادها وتعليمهم ، مضيفة .." لقد كنت أم قبل أن أكون باحثة أو هاوية أو فنانة وأولادي الثلاثة وأمي هم عالمي وهمي أن أرعاهم وأراقب سلوكهم ضمن حدود الحرية والثقة والحب..".


وتتابع .." في عام 2010 وأنا بعمر الخامسة والعشرين تقريبا بدأت أشعر بأن الرسم ليس مجرد حالة عابرة في حياتي ، حيث قررت أن أصقل موهبتي فسجلت في عام 2011 بمركز الفنون التشكيلية بالسويداء وتمكنت من جذب اهتمام الأساتذة المشرفين في المركز بفضل موهبتي وما أمتلكه من إحساس وموهبة، وبعد دراسة لمدة نحو عامين تخرجت عام 2013 وحصلت على شهادة المركز.."


وبتشجيع من أساتذتها في مركز الفنون ، تابعت التشكيلية ذهبية دراستها الأكاديمية ، حيث حصلت على الشهادة الثانوية بعد دراسة حرة ، وتقدمت لاختبار القبول في كلية الفنون الجميلة فكانت في صفوف الأوائل بالاختبار ..
بعدها ، تابعت دراستها في كلية الفنون الجميلة، ورغم الفارق بالعمر بينها وبين طلبة الكلية والذي كان لا يقل عن 15 عاما ، إلا أنها كانت تحصل على ترتيب وعلى جائزة الباسل للتفوق الدراسي في كل عام ..
وفي عام 2022 تخرجت من كلية الفنون الجميلة باختصاص رسم وتصوير وكانت الأولى على دفعتها وكان معدلها الأعلى في جميع أقسام الكلية التي تشمل العمارة الداخلية والإعلان والحفر والرسم والتصوير ، وكان بحثها للتخرج تحت عنوان " القرين" ومن هنا بدأت وتطورت الفكرة لديها إلى أن نضجت " القرين" بأشكاله المتعددة ورؤيته من عدة دراسات وأبحاث ..
ونظرا لتفوقها تم تعيينها معيدة في الجامعة ، لكن ظروفها الأسرية ورعايتها لولدتها وأبنائها حالت دون أن تتمكن من الدوام لأكثر من فصل دراسي..
بعد ذلك قررت افتتاح مركز للفنون الجميلة لتتابع مسيرتها الفنية، وأنجزت العديد من الأعمال الفنية التشكيلية التي تنتمي للمدرسة الواقعية التعبيرية، حيث تمتلك أسلوبا تعبيريا متميزا وبصمة إبداعية في أعمالها التشكيلية التي جسدت من خلالها المرأة والحالات الإنسانية بمختلف تجلياتها، مبينة أنها قررت اعتماد اللون الأبيض في أعمالها لكونه من حيث الدراسة العلمية للقرين المتشكل من ألوان الطيف وجمعهم لينتج اللون الأبيض مع تصالحها كإنسانة مع هذا اللون الذي يلامس روحها..


وتضيف.. " رغم أن مسيرتي لم تخلو للحظة من الصعوبات والعراقيل، والتي لم أستطع خلالها إلا رسم القليل ولكن بالمخزون والذات الكثير بانتظار الوقت المناسب للتطبيق دون الابتعاد عن الحقيقة وصلب الحياة وجوهرية الأشياء وصدق المشاعر وجعل اللون الأبيض المسيطر الاول ومالء الفراغ..فمن وجهة نظري الالتزام والفن فكرتين متعارضتين أي أن الإبداع والالتزام وجهين لعملة واحدة ، والإبداع حرية والالتزام مناقض للحرية..".
الجدير ذكره أن الفنانة التشكيلية ذهبية الخطيب من مواليد 1984/9/29 ، وهي عضو نقابة الفنانين التشكيليين في سورية ومعيدة في جامعة دمشق، كما شاركت بعدة معارض فنية محلية وخارجية ودولية ، بالإضافة لمشاركتها في ملتقيات للتصوير وفعاليات ثقافية، وكانت في عام 2022 مدربة معتمدة من منظمة UN لتأهيل نساء للدخول إلى سوق العمل.