تاريخ في قلب التاريخ -  سيرة حياة المؤلفين الموحدين - الحلقة الخامسة عشر

الشيخ مكرم المصري - 7- 11 - 2023

سيرة حياة الشاعر فندي الشعار

 يعتبر الأديب الشاعر والناشر المرحوم الأستاذ فندي فارس الشعار شاعر رافق معظم أحداث العصر وتأثر بها وسكب مشاعره وانطباعاته حولها في أدبه الشعري والنثري . ولا بد من الإشارة إلى أن ما ورد في هذا الديوان يمثل رأي الشاعر ونظرته إلى الحياة والأحداث،  وما تركه من أثر  يصفه في البيت الآتي:

 إن بني الناسُ في التراب قصوراً     نحن نبني قصورنا في القلوب 

وقول آخر له يصف كفاحه

أرى دنياتي مسلكها عسير                ولكني سأمضي في العسير

 وفيما يلي خلاصة سيرة حياة الشاعر الأستاذ فندي الشعار 

هو الشاعر والأديب فندي بن فارس الشعار ، ولد في عيناب عام ۱۹۰۹ من أبوين موحّدين، تعلم في المدرسة الأميركية للصبيان في سوق الغرب من سنة ١٩٢١ حتى سنة ۱۹۲۰ . تابع دراسته في الجامعة الوطنية في عاليه ١٩٢٦ - ١٩٢٧ – ومنها حصل على شهادته الثانوية. ثم درس سنة واحدة في الجامعة الأميركية،۱۹۳۰ - ۱۹۳۱ بعد مرحلة  من العمل . 

عمل مدرساً في مدرسة "لبنان الكبير" في بلدة صليما لصاحبها جورج بشعلاني سنة ۲۸ - ۱۹۲۹ ، وكان فيها معلماً ومدرباً رياضياً، وكان الهدف الأساسي من هذه التجربة إدخال الرياضة إلى مدارس القرى . 

في السنة الدراسية ۲۹ - ۱۹۳۰ عين معلماً في مدرسة بتخنيه وكانت في ذلك الزمان تابعة للمفوضية الفرنسية بإشراف الدكتور حسين سري الدين. 

في السنة ۳۱ - ۱۹۳۲ تعاطى التدريس في مدرسة الجامعة الوطنية في عاليه لصاحبها الياس شبل الخوري ، كان فيها معلماً للغة الإنكليزية وللرياضة البدنية . 

 في العام ۱۹۳۲ بدأ المرحلة المهمة من حياته التربوية في المدرسة الدوادية التابعة للأوقاف الدرزية بإدارة رئيسها ومتولي الأوقاف المذكورة آنذاك عارف بك النكدي ، وقد انقطع عن التعليم في الداودية لمدة سنتين ، وفي سنة ١٩٣٤- ١٩٣٥ انتدب للتعليم في معارف البحرين حيث أسندت إليه إدارة المدرسة الخليفية المنامة (عاصمة البحرين)، بالإضافة إلى توليه مهمة تنظيم الحركة الكشفية والتدريب الرياضي. 

سنة ١٩٣٥-١٩٣٦ استدعي إلى فلسطين للقيام بمهمة تحرير الصفحة الخارجية في جريدة "الجامعة الإسلامية"، وهو عمل يعتمد على ترجمة ما كان يكتب عن فلسطين والشرق الأدنى في ذلك الظرف العصيب ، وهناك قام بترجمة ما نشر عن الحبشة كان موسوليني يهدف إلى غزوها. 

عاد إلى الداودية سنة ۱۹۳۷ حيث كلف بتجربة كانت فريدة من نوعها وهي إنشاء مدرسة نموذجية في إحدى قرى لبنان النائية (ينطا - قضاء راشيا) لتعميم جميع المدارس في القرى، وذلك قبل أن تنشأ لوزارة التربية مدارس في الريف اللبناني. ولقد صنف الطلاب في تلك المدرسة بالنسبة للعمر لا للمعرفة، لأن الجميع كانوا يفتقرون إلى المعرفة، فمن كان عمره ۱۱ و ۱۲ سنة وضع في الصف السادس الإبتدائي) صف الشهادة الإبتدائية ( ومن هو في عمر ١٠ - ١١ في الصف الخامس ، وهكذا إلى الصف الأول الابتدائي، ومن المدهش أن طلاب الصف السادس نجحوا في امتحانات تلك السنة ونالوا الشهادة الإبتدائية الحكومية واستطاعوا أن يدرسوا مواد ست سنوات في سنة مدرسية واحدة ، ثم نجح من جاء بعدهم ۱۰۰% أيضاً. وقد نتج عن هذه التجربة الناجحة الأخذ بمبدأ إنشاء المدارس في القرى البعيدة عن عبيه وجعلها ملحقة بالمدرسة الأم. إختاره عارف بك النكدي ليقوم بهذا العمل مطلقاً يده في تنظيمها وإنشائها ، فقام بالمهمة خير قيام وبلغ عدد المدارس التي تم إنشاؤها ۳۳ مدرسة في أربع محافظات (بيروت، جبل لبنان، الجنوب، البقاع). 

 بعد إنشاء المدارس الملحقة عُين سنة ١٩٤٠ مفتشاً لها من قبل إدارة الأوقاف بالإضافة إلى عمله كأستاذ للغة الإنكليزية في المدرسة الداودية الأم في عبيه، وقد استمر عمله في الداودية وفروعها معلماً ومدرباً ورياضياً ومفتشاً ومشرفاً على حفلاتها ونشاطاتها حتى سنة ١٩٥٢ أي مدة عشرين سنة. والجدير ذكره أن مسيرة الداودية ومدارسها الملحقة بقيت مستمرة بنجاح أثناء اعتقال الأستاذ عارف النكدي احتياطياً من الدولة المنتدبة في عامي ١٩٤١و ١٩٤٤ بفضل الإيمان والنشاط اللذين عُرفا بالأستاذ الشعار وعدد من رفاقه التربويين المجاهدين. 

عام ١٩٥٢ اضطر إلى ترك التعليم والوظيفة التعليمية وهاجر إلى المملكة العربية السعودية ومن ثم إلى دولة الكويت حيث أُسندت إليه وظيفة محاسب ثم مدقق حسابات في وزارة الصحة العامة لمدة ١٤ سنة. 

بعد عودته من الإغتراب عام ١٩٦٨ عاوده الحنين إلى حقل التعليم والتربية فعمل مراقباً عاماً في مدرسة "لبنان العالية" في عاليه لصاحبها الأستاذ جميل الجردي حتى سنة ١٩٧٣ حين ترك الوظيفة نهائياً وانصرف إلى جمع مؤلفاته في التربية والأدب شعراً ونثراً تمهيداً لطبعها ونشرها. 

تولى رئاسة تحرير مجلة "الميثاق" التي تصدر عن مؤسسة "بيت اليتيم ". في عبيه من سنة ۱۹۸۰ حتى سنة ١٩٩٠.

 إنتاجه الفكري ومؤلفاته 

كتب مقالات عديدة نشرها في مجلات "الضحى" و "الميثاق" و "صوت الجامعي" و "الأماني" و "الأمالي". 

ألف تمثيليات تربوية عديدة شعراً ونثراً قدمت على مسارح المدارس ولاقت نجاحاً كبيراً منها :

 -  الحروف الساطعة : قدّمت لأول مرة في مدرسة ينطا قضاء راشيا ( وهي من فروع الداودية ( سنة ۱۹۳۹ ، وأعيد تقديمها على مسرحبيت اليتيم ) عبيه ) سنة ١٩٧٩ 

-  تمثيلية “الأمير فخر الدين 

-  كتب القصة الطويلة والقصيرة ذات الطابع التربوي منها " دنيا النجوم " وقد طبعت سنة . ١٩٤٤ و " في رعاية الولد"  

- أعد كتاباً عن العالم اللبناني المرحوم الدكتور سمير حسين الشعار الذي كرم في اليونسكو بتاريخ ٢٥ شباط ۱۹۷۳ .

 - ترجم الكتب التالية :

 أ - حرب الألف عام - جوناثال راندال Going all the way

 ب - بين الدروز والموارنة ١٨٦٢ - تشارلز تشرشل - في ظل الحكم التركي.

 ج - جبل لبنان - عشر سنوات إقامة ( ١٨٤٢ - ۱۸٥٢ ) ثلاثة أجزاء . 

د – (١٩٨٤ ) - جورج أورويل ( تأليف سنة ١٩٤٩ ) . 

 هـ - إنجاز مهمة إستقلال لبنان وسورية - الجنرال سبيرز - تحت الطبع . 

 و - الفكر الصيني هـ. غ كريل ۱۹۶۲ - قيد الإعداد للطبع . و يعمل الآن على جمع سائر مقالاته المنشورة وغير المنشورة لإعدادها كتاباً يفيد منها المجتمع إنماء وإصلاحاً وتربية .

 لم يكن فندي الشعار معلماً عادياً في عمله ، لم يكن معلماً ليكون موظفاً ، بل امتهن التعليم ليكون معلماً مربياً ومشاركاً في إنقاذ مدرسة تاريخية تأسست ١٨٦١ في عبيه ، وبالتالي لإنقاذ منطقة من الجهل والأمية والحرمان المدرسي . تلك المدرسة هي الداودية ، أحد منجزات عهد المتصرف الأول داود باشا ، وتلك المنطقة هي عبيه وجوارها. 

كان في الداودية وغيرها معلم لغات ورياضيات واجتماعيات ورياضة بدنية وقائد نشاطات مدرسية أيقظت روح المسؤولية والنهضة في نفوس الناشئة ، كما كان راعي الحفلات المدرسية وخطيبها اللامع شعراً ونثراً في مناسبات المدرسة وغيرها. أما عمله في افتتاح المدارس الملحقة وتفتيشها فهو العمل الذي يتوج  نضاله في حقل التربية ، ذلك أنه لم يكن من السهل في ذاك الزمان إفتتاح مدرسة في القرى النائية . فإذا كان عارف النكدي قد قام بدور وزارة التربية آنذاك فإن فندي الشعار كان المنفذ لذاك الدور بزيارة القرى ، ومعالجة مشاكلها وافتتاح المدارس والإشراف وتوحيد مناهجها وأساليب التدريس فيها حتى جاءت متطابقة مع المقررات الرسمية لوزارة التربية الوطنية وبالتالي مع الداودية الأم .

 كان يشجع الطلاب على فهم الطبيعة التي تحيط بهم ويدربهم على مواجهة الصعوبات وترويض أجسامهم وعقولهم ، كان مع التلاميذ في كل مكان ومن أجل ذلك أحبهم وأحبوه ولا تزال له في قلوبهم محبة وفي عقولهم ذكرى. 

كان عليه أن ينتقل من عبيه إلى القرى القريبة والبعيدة مشياً أو في سيارة تشابه تلك القرى تخلفاً، وكان عليه أن يوحد بين آراء الناس ويسوي فيما بينهم ليتقبلوا إنشاء مدرسة لهم. ونظراً لرغبته في التعلم والتعليم اطلع على أحدث النظريات والمؤلفات التربوية وطبق أساليبها في المدارس ودرّب المعلمين عليها. كان يشارك في المؤتمرات التعليمية منها: مؤتمر في الجامعة الاميركية عام ۱۹٤٤، ومؤتمر في المعهد الثقافي البريطاني.

 كان المدرب الكشفي للداودية ومدارسها بالتعاون مع الكشاف المسلم وعلى رأسه في ذلك الوقت محيي الدين النصولي ومصطفى فتح الله .

 قال عنه المؤرخ عجاج نويهض وهو يحدث أحد أصدقائه:"إن فندي الشعار يعتبر أحد رموز نهضتنا التربوية في القرن العشرين". 

ويقول عنه جميع عارفيه: 

إن فندي الشعار كان وما زال معلماً في كل حياته، في المدرسة وخارج المدرسة في الوظيفة الخاصة والوظيفة العامة، في فنه الشعري والنثري والخطابي، بل هو مدرسة تربوية حيثما حلّ وأينما وجد. 

أقيم له لقاء تكريمي في "الملتقى الأدبي" الذي تديره الأدبية السيدة إنصاف الأعور معضاد وذلك في ٢ تشرين الثاني ۱۹۹۰. 

كان أحد المربين الذين كرمتهم دار الندوة في بيروت بمناسبة عيد المعلم في آذار ۱۹۹۱، وقدمت له درعاً في المناسبة، كما كرمه الحزب التقدمي الإشتراكي في أُقيم في بيت اليتيم الدرزي في احتفال كبير (عبيه) بتاريخ 9 أيار ۱۹۹۲ وقدم له في المناسبة درع كمال جنبلاط التربوي مع عدد آخر من المربين المتقاعدين . 

منح وسام المعلم بموجب المرسوم رقم ۲۸۱٤ بتاريخ ١٥/١٠/ ۱۹۹۲، وذلك بناءً لاقتراح وزارة التربية الوطنية والشباب والرياضة. 

وجوه نشاط أخرى :

 أسس الكشاف المعني سنة ۱۹٣٦ برعاية المرحوم محمد عبد الباقي وتمويله، وشارك هذا الكشاف باستقبال مجاهدي الثورة العربية السورية العائدين من اغترابهم الاحترازي بقيادة سلطان باشا الأطرش، وذلك على أثر توقيع معاهدة بين سورية والانتداب الفرنسي، لإعادة سورية إلى وحدتها، كما تبنى الكشاف المعني المذكور حفظ الأمن في استقبال المجاهد أمير البيان الأمير شكيب أرسلان في أواخر الثلاثينات. 

عام ٢٠١٥ اصدرت ابنته غاده الشعار يحي بعض مذكراته في كتاب "عشرون عاماً مع عارف النكدي" اما سائر مقالاته النثريه فقد جمعتها ابنته غاده ايضاً فى انتظار اصدرها فى اكثر من كتاب.

 كذلك له مجموعة شعرية اعدها للطبع في السنتين الاخيرين من عمره بعنوان "تاسع العقود" وهي تنتظر إخراجها الي النور كتاباً جديداً. أو ديواناً جديداً. وما يلفت النظر والإنتباه  أنه ظل فى وعيه وقدرته على نظم الشعر حتى اليوم الاخير من عمره الذى ناهز الثلاثة والتسعين من العمر، رغم فقد نظره في سنواته الاخيره.

 نظرة على ديوانه الشعري "العقود الثمانية"  

ينقسم هذا الديوان الى ثلاث مجموعات، وكل مجموعة مقسمة الى فصول تتمحور حول المجتمع والعائلة والحياة والطبيعة والسياسة والوطن، بالاضافة الى قصائد تكرّم اركان المجتمع كالأم والمعلم  وغيرها من القصائد التي تعكس حكمة الشاعر و رهافة حسّه و صدق مشاعره. وفيما يلي نماذج من شعره: 

الإهداء

إلى الأولاد والأحفاد أهدي                       كتابا ناطقا بحديث حبي 

مداد حروفه من دمع عيني                   وسحر بيانه من خفق قلبي

 وقد أودعته ديوان شعر                          يليق بكل ذي عقل ولب 

كلام قاله من كان قبلي                         بلفظ صادق النبرات عذب 

رواه الدهر جيلا بعد جيل                             وينقله المربي للمربي

 به مصباحهم في كل ليل                      ومنه رفيقهم في كل درب

 وما قدّمته سيظل ذكرا                       لأحفادي ومن ساروا بركبي 

مضيت وما تركت سوى حروف           على صفحات أوراقي وكتبي

 يوزعها الصباح خيوط نور                ويجمعها المساء رؤى محب 


شيدتَ وحدكَ 

(قصيدة موجهة الى المغفور له عارف بيك النكدي وقد أنشدت بعد أن تم انشاء جناح كبير بالإضافة الى مبنى المدرسة الداودية القديم الذي كان غير كافي وغير صالح للاستعمال كمدرسة لائقة داخلية وخارجية وذلك سنة ١٩٣٩) 

شيدت وحدك بالإخلاص بنيانا              يماثل العصر ترتيبا واتقانا

 أحييت بالصدق لا بالمال مدرسة       كادت تنوح على أطلالها كانا

 يا قوم هذا فتى المعروف قائدنا  في جبهة الفضل فلنعضده أعوانا

 قام التنوخيّ في إصلاح مجلسنا           وأصلح النكديّ الفذّ دنيانا

 فلنسع للخير سعيا لا فتور به         فليس أبقى من الإصلاج سلوانا

 

إستقلال الكويت

 هنّ الكويت ببهجة استقلالها              بأميرها بالصيد من ابطالها 

هنّ الكويت مشاركاً افراحها                إن الكويت عريقة بنضالهــا

 جالت مع الأيام جولــة مـؤمـن          وتخلصت بالصبر من أثقالها

 فاذا بها فوق الخليج منارة              تُضفي على الدنيا بهاء جلالها

 من بها ركب العروبة انها                 عون له برجالها وبمــالها 


نعي الشهيد كمال بيك جنبلاط

 يا من نعيت كمالاً كيف تنعاه        

                                           ما دام في الصدر حيا في حناياه 

ما دام في العقل نار من بلاغته     

                                              وفي النفوس خير من سجاياه 

ما دام في الأفق المرئي مشعلة  

                                         يهدي إلى الحق من ضلُّوا ومن تاهوا 

ما دام في كتب الدنيا لسيرته                  

                                         ما ليس يُحصى ، وفي التاريخ مسراه 

ما دام في النشء طهر من طهارته           

                                         وفي الشباب عطاء من عطاياه

 الحق مسلكه، والحق شغلته                 

                                          والحق ليس له في الأرض أشباه 

من جهت تنعاه باق في ضمائرنا              

                                           الأرضُ موطنه - والخلد دنياه 


بلادي بها عزّي

 بلادي بها عزّي ورغدي وسؤددي        سأحكمها بالعدل أوبالمهند سأمنحها نفسي وعقلي ومهجتي           وأنقذها من كل باغ ومعتد رضعت هواها واعتنقت نداءها             وسوف ألبيها بعزم مؤكد سأبني لقومي مجدهم إن تعقّلوا   فسؤددهم رغم التحاسد سؤددي

 وأن تخذل الأقدار شعبا مفرّقا   فكم أنصفت في نصر شعب موحّد 

وما دام عمر المرء شوطا محددا    فحكم هنيء العيش حكم المنكّ

 فموت امرء فوق السرير مشابه    لموت الفتى فوق السرير المورّد


 بك يا أماه 

بك يا أماه خلق الكون تم                    وعليك قام تكوين الأمم

 إن يكن آدم من طين فقد                  صاغك الرحمن من لحم ودم

 أنت أم الرسل أم الأنبيا                       ودعاة حطموا كل صنم 

أنت أم العالم الفذ الذي                       لم يكن لولاك نارا في علم

 أنت نبض خفق القلب به                     وهتاف صادق في كل فم

 كم ترفقت بمضنى مقعد                      وتحكمت بجبار حكم

 أنت يا من أرضعت فادي الورى             ورعته بالتفاني والألم 

أنت قلبي ولساني ويدي                       أنت أمي، هكذا الله رسم

 تطلبين اليوم حقا واضحا                      المساواة: نعم  ألف نعم

 إن من تصنع منا قمما                     سوف تبقى دائما فوق القمم


 حكمة الله في خلقه 

لاصطناع الخير كم داع دعا                  ولفعل الشر كم ساع سعا

 فهما روحان لم يفترقا                        توأمان استقبلا الدنيا معا 

قوة الشر طغت و استحكمت                فبدا ضعيفا طيّعا 

حورب الشر بشر مثله                         لم نجد في الخير عوناً ممتعا

 واعتدى الذئب على الكبش فهل       عدل القاضي إذ الكبش ادعى

 ثم جاؤونا بأعذار ، فهل                      جففوا دمعا وآسوا مفجعا 

إنما الانصاف والاخلاص والعدل          والصدق وآيات الدعـــا

 كلمات قد تشبثنا بها                          لنغطي مظهراً مصطنعا


 نوّر اللوز

 نور اللوز والربيع جنين                وسماء الشتاء غضبي هتون 

وهزيم الرعود صح مدو                  وأنين الرياح لحن حزين

 والصقيع الشفيف أكفان ميت         لفت الروض فاحتواه السكون

 ما سوى اللوز في الشتاء ربيع          زهرة اللوز تشتهيها العيون

 فاذا لاح في الظلام بصيص               عاد حياً من التراب دفين 

وسرى الدفء في الجذور لطيفا         وأفاقت من الرقاد الغصون

 فاذا الأرضُ في عشية عيد                 کرسته مروجها والحزون 

ظل يا لوز في الروابي شموخاً             ليكون الربيع حيث تكون