تداول العملات الرقمية : ضرورة ..أم خطورة ؟

لا يُخفـى علـى أحد أنـه وفـي السنــوات القليلــة الماضيــــة ، قد غزى العالـم ثورة تكنولوجية عارمـة وعلـى كافــــــة الصعد ، لا تبدأ بالعمل الرقمي للحاسوب إلى التصوير والبث الرقميين، ولا تنتهي بالعملات الرقمية Crypto currencies (وقد رافقها وسوف يتبعها الكثير الكثير). إلا أن ما يجمع بين هذا العالم الرقمي (DIGITAL) هو الإفتراضية ، حيث أنها تبقى ضمن هذا العالم إذا لم يبادر أحدهم إلى تحويلها إلى شي ملموس.  فالعمل الرقمي للحاسوب وكما اصبح معلوماً لدى الجميع ، يعتمد على رقمي الصفر والواحد ضمن تقنية معينة لنقل المعلومات وتخزينها وتحليلها، أما التصوير الرقمي مثلاً فيعتمد على التقاط مشهد معين ضمن جزيئيات قد لا تحصى ومن ثم تجميعها بشكل معقد ضمن آلة التصوير ، لتعرض رقمياً أيضاً على شاشة أو ما شابه، وكلما زاد عدد هذه الجزيئيات (MEGAPIXELS) كلما زادت نقاوة هذه الصورة وارتفعت جودتها . 

أما موضوع مقالتنا اليوم فهو العملات الرقمية ولا سيما الشبكة الأولى والأشهر، صاحبة الواحد والعشرين مليوناً من العملات الرقمية (BIT COINS) والتي لم يصدر منها لغاية تاريخه سوى حوالي ثمانية عشر مليون تقريباً. إذا ما قصة هذه العملة ، كيف نشأت ، ما هو سر انتشارها وارتفاع ثمنها بشكل فاق الخيال أحياناً ، وهل من الضرورة اليوم أن نعلم جيداً عنها كونها عملة المستقبل، أم أنه لا زال الأمر فقاعة وفيه الكثير من المجازفة والخطر، لا سيما وأن الوضع المالي الكارثي في لبنان مع ما يترافق من ترنح للقطاع المصرفي وخطورة فقدان اصحاب الودائع لجزء من ودائعهم، يجعل الجميع يتطلع لطرق اخرى في الحفاظ على المال أو في الإستثمار. 



نشأة هذه العملة وكيفية عملها.


   بدأت هذه العملة في العام 2009 من قبل شخص غامض لم يعرف عنه الكثير لغاية تاريخه، أطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو. وهي ليست عملة تقليدية لأنه ليس لديها بنك مركزي أو دولة أو هيئة تنظمها وتدعمها. وقد نشأت عبر عملية حاسوبية معقدة، ثم جرت مراقبتها بعد ذلك من جانب شبكة حواسيب حول العالم، وهي لا تزال العملة الرقمية الأولى في العالم، ضمن حوالي 700 عملة من النوع ذاته في الوقت الحالي.  إذاً، فهي لا تعتمد على بنك مركزي ولا وُسطاء، ولا تُطبع أو يتم تداولها باليد. ففي حين أن العملات الورقية تعتمد على مخزون استراتيجي من الذهب أو العملات الأجنبية أو قوة الإقتصاد (صناعة، زراعة...)، وكذلك على أسعار فائدة يحددها البنك المركزي الخاص بالعملة لتحافظ على قيمتها، فإن بيتكوين عملة افتراضية حرة موجودة بكمية محدودة (نحو 18 مليونًا حالياً من اصل 21 مليون الحد الأقصى)، تتحكم في قيمتها قوى العرض والطلب. 

النظام المالي في بيتكوين يُشغل بواسطة آلاف أجهزة الكمبيوتر الموزعة في جميع أنحاء العالم، ويمكن لأي شخص المشاركة في هذا النظام عن طريق تحميل برنامج خاص بذلك، يوفر للمستخدمين القدرة على إرسال واستقبال الأموال الرقمية، وهو لا يمكن مراقبته "مضاد للرقابة"، آمن و غير مُقيد بحدود.

 د. ربيع كمال الدين 

(الحلقة الثانية ستتضمن شرح مدى اهمية هذه العملة، خطورتها وكيفية استخدامها في لبنان).