
الكاتب أمجد سليم
زمنُ العار؛
الزمن الذي تُسلِّع فيه بعضُ النساء أنفسهنّ، ثم يطالبن بأن يُمنحن قيمة. ولا يمكن لرجلٍ أن يضع جوهره في روحٍ جعلت مظهرها وسيلة لحصد "جمهور"، وكلّما خفّ التفاعل زادت التضحية بنفسها لتستعيد قيمتها الافتراضية في واقعٍ افتراضي. وليس هذا تجريحًا بقدر ما هو توصيف لواقعٍ نعيشه اليوم.
أصبح العيب وجهة نظر، والحرام عادةً وتحدّياً في عيونٍ أعمَتها المجاملات وأعداد المتابعين.
وهنا أسأل: "إن أتينا بيوتكم بالمئات، هل تُدخلوننا غرف نومكم كما سمحتم لنا بدخولها عبر الشاشات؟"
ليس تعقيداً ولا تكبّراً، ولكن كيف نمنح الاحترام لمن لا يحترمون حرمة أنفسهم؟ دائمًا متاحون، ولا ممنوع طالما المشاهدات مرتفعة، حتى وصلنا إلى زمنٍ تُستعمل فيه المرأة جسداً وإثارةً للتسويق، ولا ذنب للمشتري ما دامت "البيعة لقطة" مع قليلٍ أو كثيرٍ من التقدير حتى نفاد الكمية!
الرجل الحقيقي لا يبحث عن فتاةٍ جميلة فقط تواكب هرطقة العالم الذي أقنعها أنها لا تكفي كما هي، حتى خسرت ذاتها عندما تخلّت عنها لإرضاء الجميع.الرجل الحقيقي يبحث عن إمرأةٍ في أسرار شخصيتها، في غموض طبعها، في ثقتها بأنها مهما ضعفت تجد في ضعفها قوة.
يريدها محاطة بقواعد وحدود وضعتها لنفسها.الرجل الحقيقي يريدها له ليكون لها… تكتفي به ويكتفي بها، وتكون الحياة بينهما رحلة اكتشاف.
أمّا ذلك الرجل الذي يظن أنه قادرٌ على تغيير "عارضة" السوشيال ميديا، فهو إمّا واهم أو يهوى تربية القرون! وهذه منزلقٌ له وفرصةٌ لها؛ فهي تعلم أنها لن تكتفي به، لكنها تعرف أيضًا أنه يشعر بالنقص بدونها، وهنا تكمن الحيلة. هي مستنزَفة في مشاعرها وجسدها وطاقة حياتها، وهو مستنزِفٌ لنفسه مقتنعًا أنه قادرٌ على صناعة الفرق. وفي النهاية تكون النتيجة: رجلٌ ذو قرنين، وامرأةٌ متاحة للجميع، وبيتٌ مختلّ، وجيلٌ يحمل العِلَل.
وإلى أن يتوقف مجتمعُ الغاب عن إفتراس العقول الصغيرة، ستبقى هذه المهزلة قائمة، ومن خلالها تفسد الأجيال وتتقاعس الأمم عن التقدّم، فالمرأة هي التي تربي وتبني إنساناً قادراً على صناعة مستقبله.
زمن العار هو الزمن الذي تصبح فيه المرأة مجرد جسد لعرض الملابس، وصورة لجذب العيون، ودعاية بجانب سلعة على واجهة محل.حين تصبح خصوصيتها مادة لإثارة الجدل…
فاعلم أننا في زمن العار.
@جميع الحقوق محفوظة