صانعو المحتوى

رحاب هاني - 9- 10- 2023

يطلون علينا بأفكارهم وإختراعاتهم المدهشة.نعجب لما يملكون من مواهب في مجال مهنهم وهواياتهم.

يتصدّرون،"الترند"، يحصلون على الملايين من المتابعين ومعها من أوراق العملة الخضراء.

يزداد عددهم يومياً، يقلّدون و يحاربون بعضهم البعض . يشاركون خصوصياتهم مع العامة.

يبكون، يتسوّلون، يستغلون داء العصر الذي افتك بالجميع وهو "الضجر"، فيصبحون الملاذ الآمن للهروب منه.

يقتحمون قاعات التدريس, إجتماعات العمل، أمسيات العائلية. يضيفون معدلات النيكوتين والكافين في وقت الإستراحةعلى فنجان القهوة.

يهمّشون دور الأصيل، الموهوب، المبتكر عن الشاشة ليحتلوها.

هو إحتلال من نوع آخر.

يحتل الوقت، التفكير،الإبتكار، المشاركة، الحوار، المشاعر...

يترك المحتل داخل زوبعة الأوهام والفراغ.

هؤلاء، لم يأتوا من العبث، ينتمّون لنظام دقيق، مُسبق الأهداف والنتائج.

أما سمعتم بنظام التفاهة!؟

نحن في حضرته,وما يظهر أمام العيان سوى المستخدمون لهذا النظام الذي يوظفهم فيتكلمون بأسمه.

وما أضحكني ، لا، بل الحقيقة أبكاني الا نصائحهم، على سبيل المثال وبعدما كذّبوا على أنفسهم وصدّقوا الكذبة أنهم"مؤثرين".

يُفتح لهم الهواء على الشاشات ليشاركونا سبل النجاح.

يتكلمون بالإقتصاد، الطب، الطب البديل، الاجتماع، علم النفس، التعليم، الفلك، وكل ما أكرم الرب على عبده من مواهب وعلوم.

ينسبون لأنفسهم ألقاباً من الدكتوراه الفخرية، يلزم أي شخص عادي لا يملك موهبتهم لعقد من الزمن بين الدراسات والخبرات للحصول عليها.نحن، وأياهم ربما، ضحايا.

يسوق الينا التحكم بنا عن بعد، بخيوط محكمة،متينة غير مرئية.

وأكبر خسائرنا هي لحتماً تفريغنا من قدسية اوقاتنا و من إنسانيتنا.

*الآراء والأفكار تعبر عن وجهة نظر الكاتب، والموقع لا يتبنى اي رأي او موقف.