عجرفة إمرأة...

افتقدت الجدران صوت السيدة نظيرة إذا لم يُسمع صدی صراخها كل دقيقة على مدار الساعة ، امرأة متعجرفة ، لا تبتسم إلا بتكلّف ، وتظن نفسها الأفضل بين النساء من حيث النظافة والمستوى الاجتماعي وتدبير المنزل ، تزجر العصافير إن زقزقت والنسيم إذا هب ، وتخاصم أنفاسها وظلّها ، والخير كلمة معدومة في مفرداتها هكذا طيلة أربعين عاما ، أما اليوم فهي تحصد نتيجة أفعالها .
       صحتها عليلة وتعاني الأوجاع في أنحاء جسمها ، وقد انحنى ظهرها فأصبحت عجوزة وهي لا تزال شابة . أولادها أربعة ، يُضرب بهم المثل القائل : « الآباء يأكلون الحصرم ، والأولاد يضرسون”.


الشاب الكبير معروف عنه أنه زير نساء ، وهو متزوج لكنه لا يحترم زوجته يضربها ، بين الحين والحين ، تزور أهلها على أساس أنها تريد الطلاق والانفصال عنه لكنه يعود ويرجعها .
والفتاة الكبيرة رفضت والدتها تزويجها بأي واحد من الذين طلبوا يدها لأنهم ليسوا في المستوى المطلوب فبقيت حتى الآن عانساً في بيت أهلها .
أما الأخت الصغرى ولكي لا تتكرر تجربة أختها اقترنت بشاب لا يمت إلى الأخلاق بصلة ، وهي تعاني الأمرين في حياتها ، وخوفا من أن يطلّقها زوجها قامت الأم بتزويج الأخ الأصغر بشقيقة زوج الإبنة وهي فتاة ساذجة غير متعلمة لتضفي المزيد من التعاسة على حياة هذا الشاب . هكذا اكتملت اللعنة على أفراد هذه الأسرة نظرا لأن الوالدة كانت جبارة قاسية ، وزوجها لم يقم بدوره المطلوب خوفا من الفضيحة ، فانهارت هذه الأسرة وتذوق كل فرد منها طعم العذاب والمرارة في عيشه وحياته .
        الآن تتحسّر نظيرة على ما أصاب أولادها وتقول : قلّة حظ .. بدل أن تقول قلّة محبة وحنان وأمان كانت يجب أن تمنحها لأسرتها ومحيطها ، فالذي يزرع الشعير لا يحصد قمحا ، ومن يزرع الكره والحقد لا يجد الحب والسلام بدءا من نفسه وأسرته . 

الأسرة كالشجرة تماما ، إذا نخرها السوس تصدعت وانهارت ، والسوس هو الأسلوب غير السليم الذي يتم التعامل به بين الأفراد .

لينا صياغة كتاب " شمعتي لن تنطفئ"