عُلومٌ 🍂

الكاتب عماد أ. الاعور


نَأْتِي مُكْتَمِلِي العُلُومِ،

{هِرْمِس، ٱلْمُتُونُ}

لَا مِنْ تَعَلُّمٍ،بَلْ مِنْ خَتْمٍ أَزَلِيٍّ،

نُخْتَزَلُ فِي شِيفْرَةٍ دَقِيقَةٍ،

فِي هَنْدَسَةٍ مَطْوِيَّةٍ عَلَى هَيْئَةِ شَبَكَةٍ،

تُدْعَى فِي الْأَرْضِ: الحِمْضُ النَّوَوي ـ DNA،

وَتُدْعَى فِي الْمَلَكُوتِ:

سِرًّا مَكْتُوبًا بِالْحُرُوفِ النُّورَانِيَّةِ.
بَذْرَةٌ تَلْتَقِي بِبَذْرَةٍ،

لَا لِتُضَاعِفَ الْعَدَدَ، بَلْ لِتُعِيدَ التَّكْوِينَ،

فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُمَا “ابْنٌ”، بَلْ بَذْرَةٌ جَدِيدَةٌ.

وَهٰذِهِ الْبَذْرَةُ؟

لَا تَنْمُو…

فَالنُّمُوُّ ارْتِقَاءٌ،

وَهِيَ لَمْ تَرْتَقِ،

بَلِ انْفَلَشَتْ؛ انْفَجَرَتْ بِأَمْرٍ كَوْنِيٍّ دَاخِلِيٍّ،

تَفَكَّكَتْ إِلَى أَعْضَاءٍ وَأَجْهِزَةٍ،

لَا لِتَتَجَزَّأَ، بَلْ لِتَتَجَلَّى،

فَصَارَتْ جَسَداً،

جَسَداً لَا نَدْرِي: أَهُوَ نَبَاتِيٌّ؟ أَمْ حَيَوَانِيٌّ؟

أَمْ مَقَامٌ بَيْنَ الْمَقَامَيْنِ،

حَيْثُ يُولَدُ الإِنْسَانُ، لَا وَصْفًا لِمَخْلُوقٍ، بَلْ فَيْضاً.
فَالْبَذْرَةُ لَمْ تَنْمُ فِي مَعْنَاهَا الْخَطِّيِّ،

بَلْ تَفَجَّرَتْ فِي مَعْنَاهَا الإِشْعَاعِيِّ،

كَانَتْ دَائِرَةً فَانْشَقَّتْ إِلَى الْوُجُودِ،

وَمَعَ كُلِّ انْفِلَاشٍ، تَعَرَّضَتْ لِلنُّورِ،

ذٰلِكَ الَّذِي هِيَ مِنْهُ،

وَلَكِنْ بِكَثَافَتِهِ الَّتِي لَا تُحْتَمَلُ إِلَّا بِالتَّجَلِّي.
عِنْدَهَا، دَخَلَتِ الْبَذْرَةُ حَيِّزَ الْوَعْيِ،

فَأَوْرَقَتْ…

ثُمَّ غَاصَتْ فِي الإِدْرَاكِ،

فَأَزْهَرَتْ…

ثُمَّ سَجَدَتْ فِي مَقَامِ الِاعْتِرَافِ،

حِينَ عَرَفَتِ الْعَجْزَ وَالضَّعْفَ،

فَأَيْقَنَتْ…

وَلَمَّا أَيْقَنَتْ بِالْحَقِّ،

لَمْ تَحْتَجْ إِلَى بُرْهَانٍ،

بَلْ أَوْلَجَتِ الْيَقِينَ،

فَانْفَتَحَتْ لَهَا أَبْوَابُ الشُّهُودِ.
نَعَمْ،

لَمْ تَكُنِ الرِّحْلَةُ مِنَ التُّرَابِ إِلَى الْفَوْقِ،

بَلْ مِنَ الْجَهْلِ إِلَى الْعِلْمِ،

وَمِنَ الْوَهْمِ إِلَى الْإِدْرَاكِ،

وَمِنَ الْقُوَّةِ الظَّاهِرَةِ إِلَى التَّسْلِيمِ النُّورَانِيِّ.
بَيْنَ ٱلْٱنْبِثَاقِ وَٱلْيَقِينِ
هَكَذَا، نَخْرُجُ مِنَ ٱلْبَذْرَةِ ٱلَّتِي لَمْ تَنْمُ، بَلِ ٱنْفَلَشَتْ،

وَمِنَ ٱلْوَعْيِ ٱلَّذِي لَمْ يُكْتَسَبْ، بَلْ أُوقِظَ،

إِلَى نُقْطَةٍ لَا هِيَ فَوْقٌ، وَلَا هِيَ تَحْتٌ،

بَلْ هِيَ فِي عُمْقِ ٱلنُّورِ، حَيْثُ تَتَجَلَّى ٱلْحَقِيقَةُ بِلَا حِجَابٍ.
فَمَا كُتِبَ فِينَا مِنْ شِيفْرَةٍ،

وَمَا تَفَجَّرَ فِينَا مِنْ ٱنْبِثَاقٍ،

وَمَا سَجَدَ فِينَا مِنْ إِدْرَاكٍ،

لَمْ يَكُنْ رِحْلَةَ تَغَيُّرٍ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ،

بَلْ كَشْفًا لِمَا كَانَ،

وَتَذْكَارًا لِمَا نَسِيَتْهُ ٱلنُّفُوسُ حِينَ دَخَلَتِ ٱلْجَسَدَ.
فَإِنَّ ٱلنُّورَ هُوَ ٱلْمَعْنَى،

وَٱلْمَعْنَى هُوَ ٱلْمَقْصُودُ،

وَٱلْمَقْصُودُ لَا يُدْرَكُ إِلَّا بِنُقْطَةِ ٱلِٱلْتِقَاءِ،

حَيْثُ تَتَوَحَّدُ ٱلثَّلَاثَةُ: ٱلْوَعْيُ، وَٱلْإِدْرَاكُ، وَٱلْحَقُّ،

فَيُولَدُ ٱلْيَقِينُ.
جَرَيَانٌ فِي نَهْرِ العِرْفَانِ،

وَمَدٌّ وَجَزْرٌ فِي بِحَارِ ٱلْفَهْمِ.
فَلْتَكُنْ هَذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ جُسُورًا،

تَصِلُ بَيْنَ ٱلْأَصْلِ وَٱلْمَآلِ،

بَيْنَ ٱلسُّؤَالِ وَٱلسَّكِينَةِ،

بَيْنَ ٱلْإِنْسَانِ وَمَا أَرَادَ ٱللَّهُ مِنْهُ.
فَمِنْهُ ٱلْبَدْءُ،

وَبِهِ ٱلسَّيْرُ،

وَإِلَيْهِ ٱلرُّجُوعُ.
يَا نُورَ النُّورِ،

يَا أَزَلَ الأَزَلِ وَسِرَّ الحُرُوفِ النُّورَانِيَّةِ،

أَعِدْنَا إِلَى نُقْطَةِ الإِلْتِقَاءِ،

حَيْثُ البَقَاءُ بِالفَنَاءِ عَنِ الأَنَا وَالغِشَاءِ،

وَحَيْثُ نَبْعُ العِلْمِ وَالعُلُومِ وَالاِرْتِقَاءِ،

فِي مَقَامٍ لَا يُحْجَبُ فِيهِ النُّورُ،

وَلَا يَكُونُ لِلظُّلْمَةِ سُلْطَانٌ.

رُدَّنَا إِلَى فَجْرِ أَنْفُسِنَا،

وَاجْعَلْنَا مِنْ أَهْلِ الشُّهُودِ وَالسُّرُجِ الْمُضِيئَةِ،

وَافْتَحْ لَنَا بَابَ التَّجَلِّي الدَّائِمِ،

حَتَّى نَكُونَ فِي سَيْرٍ مِنْكَ وَإِلَيْكَ،

وَمَعَكَ، فِي كُلِّ آنٍ وَآنٍ.

@ جميع الحقوق محفوظة