غلام البلاط الملكي

لينا صياغة

طلب ملك من وزيره وحاشيته أن يأتوا بأجمل إنسان مخلوق في مملكته وأرجائها .. بدؤوا البحث وانقضت فترة طويلة دون أن يجدوا ذلك الإنسان ، بعد عشر سنوات وإذا بهم برفقة غلام ، أحضروه إلى البلاط الملكي حينها اجتمعت الرعيّة لترى هذا الإنسان الذي يبهر ناظريه ببراءته وجاذبيته ووجهه المشع وقوامه المتناسق ، راح الجميع يسبحون الخالق فيما ينتظرون حيث يعجز الكلام عن الوصف.. 

صفق الملك مبتهجا وأكرم وزيره و حاشيته ثم طلب منهم أن يأتوه بعكس  هذه الصورة ممكن أن تكون لإنسان .. انقضت ثلاثون سنة حينها فقد الملك الأمل وإذا بوزيره يدخل البلاط برفقة رجل يقشعر البدن من هيئته لبشاعته ، انقبض قلب الملك ووقف مندهشا مما يرى ، سأله :"من أنت. ما اسمك ؟"أجابه : ألم تعرفني حضرة الملك ؟ حين كنت غلاماً اصطحبني وزيرك كما فعل اليوم ، لا أنسى ترحيبك بي وتطيب خاطري و ثناءك علي.!

الملك :" عجباً ، كيف ؟ مستحيل ! لا يمكن !ثم طلب أن يأتوا بوالدته ليسألها ماذا فعل هذا الغلام الذي كان أجمل صورة ليصبح بهذا المنظر المنفّر .. 

أتت والدته و قالت للملك: انقلبت حاله لأنه أفسد سريرته ، لم يغذي نفسه بما يرضي رب العالمين ، عاش مستكبرا مكذباً للعارفين الصالحين ، لم يستخدم عقله ليميز الحق من الباطل ، جالس المنافقين وطلب الوجاهة بين الناس ورضاهم بدل رضا الخالق سبحانه لهذا فقد درّته وضلّ السبيل.

 بكى الملك حُرقةً أمام رعيته مستغفرا ً رب العالمين ثم نادى مخاطبا الجميع في البلاط:" اغتنموا فرصة وجودكم بالتنقيب عن الحقائق ، لتنكشف لكم الحجب وتصبحوا من الباصرين ولتبقى وجوهكم نظرة ، نقاء السريرة والعلم يجعل من الفرد حكيماً ، كونوا من أبناء العقل و تفقهوا إقرؤوا و استفتوا قلوبكم ، لا تكونوا متحجرين غير متحضرين واكبوا العصر بما يتناسب مع المثل ، إياكم والتعصّب ، حافظوا على جواهركم من دنس الغافلين..

 انظروا إلى هذا الغلام واعتبروا من حاله .! حتى أنا الملك الذي ترونه كلنا تحت رحمة رب الخلق فتذكروا و تفكروا ذلك ملياً ."