في بلدي ...."سابقة من نوعها"


نحن في  بلدٍ، يأتون ويفعلون بما لم ولن يستطع فعله في أي بلد أخر لا الأوائل السابقون منهم ولا اللاحقون.

 بلدُ الصدمات الإيجابية، بلدٌ يفوق العالم بسنوات ضوئية بقدرته على التطور  بين الثانية والثانية. أنا لا أقصد هنا أننا أطلقنا الأقمار الصناعية إلى المريخ، أو اخترعنا سيارات أجرة تطير أو حافلات تسير على الطاقة الشمسية ، بل ما اقصده هو استنفار  التجار على أعلى المستويات بكامل عدتهم وعتادهم لإخفاء حليب الأطفال الفاسد من السّوق، وإذا وجدَ فكلفة حبوب منع النسلِ وحبوب الكبتاغون أو الإنتحار أقل كلفة منه. 

يا أخي! ارشدني الى بلد واحد يقوم شعبه بعمليات تهريب شبه شرعية لحليب الأطفال الى الخارج، شعب يشعر وهو يحمل الحليب في أرض المطار كأنه زار الكعبة أوحج بيت الله الحرام، ارشدني الى  بلد تقفل فيه الصيدليات بحجة فقدان الأدوية بما فيها أدوية الأمراض المزمنة ويمرُ الأمر مرور الكرام، والسواد الأعظم يتقبل الموضوع بشكل عادي جدا!

 شاب الشباب وحتى الأطفال لمشهد إحجام المستشفيات عن استقبال مرضى غسيل الكلى، والذنب يقع على المواطن الذي ما زال متمسكا  بكليتيه ولم يعرضهما للبيع من أجل تأمين أقساطه ومصاريف أبنائه. 

  يقودني حسن الظن ببلدي إلى أنه وبكل فخر، وكسابقة من نوعها تمنع الرضاعة الصناعية (الحليب المصنع) لأسباب طبية وصحية ، وأي بلد استطاع أن يخطو  هذه الخطوة الجبارة بالتشجيع على  الرضاعة الطبيعية غير هذا البلد العظيم. حمدا لله! حليب الأم لا يدرُّ على البنزين والمحروقات، بل قليل من منقوع اليانسون أو بعض الأعشاب التي تنبت لوحدها بالأرض وبدون "منيَّة" أحد تفيدها حقا.

 عتبي على كتاب "غينيز" لم يسجل  بلدي كأعظم بلد يجوع فيه الجائعون ليتخم المتخمون، ويفلس فيه الطيبون ليكسب الناهبون ، ويموت فيه الشعب ليحيا المجرمون، ويعطش فيه الاطفال ليشرب نخب الحليب في جنازتهم القاتلون.

الحق على الطليان؟ لا، الحق على أولئك الأطفال الذين يجب عليهم أن يضعوا سياسة ترشيد لاستهلاك  بودرة الحليب المفقود بفعل فاعل ويعاقرون إلى حين رفع الحصار عن "حليب السِّباع"  .


سلام إلى بلدي من قلب محروق...


أحلام زلزلة - 20-6-2021