
د. لور عبد الخالق - ناشطة إجتماعية وحقوقي رئيسة لجنة الأدب الرقمي في الرابطة العالمية للدفاع عن اللغة العربية
أجدني اليوم تراودني فكرة وتلحّ عليّ قبل نهاية العام، فكرة مؤثرة جدًا وتلمس عمق العلاقات الإنسانية الهشة .
الحقيقة هي أن الأشخاص في رحلة حياتنا يشبهون قطعاً من الثياب في خزانة روحنا:
قطع نرتديها لفترة قصيرة، تدفئنا ثم تتهالك سريعاً، نخلعها دون تردّد ولا نعود نذكر شكلها.
قطع ثمينة نحتفظ بها للمناسبات النادرة، نعلم أنها موجودة، نلمسها أحياناً بإجلال وإحترام، لكننا نخشى البلى فنبعدها عن الحياة اليومية.
قطع تعلّقنا بها رغم قدمها، نعرف أنّها بالية، قد تآكلت أطرافها، لكننا نرتديها في الخفاء لأن فقدانها يعني مواجهة البرودة.
نحتفظ بها كذكرى للدّفء الذي منحته ذات يوم.
قطع نندم على إقتنائها، تثقل خزانتنا وتبعث رائحة حزن كلما مررنا بها، لكننا عاجزون عن التخلص منها لأنها تحمل بصمة لحظة إختارنا فيها الخطأ.
والألم الأكبر هو إدراكنا بأننا أيضاً قد نكون قطعة ثوب في خزائن الآخرين...ربما قطعة بالية يخشون إستبدالها، أو قطعة نادرة لا يجرؤون على لمسها، أو قطعة يندمون على إقتنائها.
هذه هي مأساتنا الإنسانية، نبحث عن لباس دائم في عالم لا يعرف إلا المؤقت، ونحمل في قلوبنا خزائن ثقيلة من أثواب الذكريات، بعضها يحمينا، وبعضها يخنقنا، وجميعها يشكل من نكون.