خطوات عملية للتغلب على الرجعية والعنصرية

بحث وإعداد:

سامي الحلبي

ناشط حقوقي وباحث إجتماعي

إطار عمل قائم على البحث العلمي
تؤكد الأبحاث المعاصرة في علم الاجتماع، وعلم الأحياء التطوري، والنظرية السياسية، وبشكل متزايد، أن التضامن، لا الصراع، هو المحرك الأساسي للتقدم الاجتماعي.ويُعدّ التضامن، بمفهومه التعاوني الطوعي المتجذر في الأخلاق المشتركة والمسؤولية المتبادلة، قوة رئيسية في معالجة العنصرية، وعدم المساواة، والانهيار الاجتماعي.


1. التضامن كقوة تطورية واجتماعية
تتحدى الأبحاث الحديثة الافتراض السائد منذ زمن طويل بأن المنافسة هي المحرك الأساسي للتطور البشري.

فقد أظهرت دراسات أجرتها جامعة بنسلفانيا أن التعاون مبدأ جوهري في المجتمع البشري، يتشكل بفعل الأعراف والهياكل الاجتماعية متعددة المستويات التي تشجع السلوك التبادلي.

ويتوافق هذا الطرح مع النظريات الكلاسيكية، مثل نظرية كروبوتكين، إلا أنه بات اليوم مدعوماً تجريبياً بواسطة نظرية الألعاب التطورية والانمذجة الرياضية.
وبالمثل، تؤكد الأبحاث العلمية المعاصرة دور التضامن في معالجة أوجه عدم المساواة الحديثة.

ويسلط كتاب متعدد التخصصات حول التضامن والعدالة الاجتماعية، نُشر عام 2022، الضوء على كيفية مساعدة الإطار التعاوني للمجتمعات في التعامل مع قضايا اجتماعية معقدة، كالعنصرية والإقصاء الهيكلي.

خلاصة هذا المحور:

التضامن ليس مجرد مثالية أخلاقية، بل آلية مدعومة بالأدلة التجريبية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي، والمرونة، والتنمية طويلة الأمد.


2. التنمية الاجتماعية من خلال التعاون لا الهيمنة
تُبيّن الأبحاث الحديثة أن المجتمعات القائمة على التعاون المتبادل أكثر قدرة على الصمود.

وتشير دراسات الهشاشة العالمية والاندماج الاجتماعي إلى أن التضامن شرط أساسي لتجاوز الأزمات المعاصرة، من عدم الاستقرار الاقتصادي إلى الاستقطاب الثقافي.
في المقابل، تقيد القوى الرجعية، التي غالباً ما ترتبط بالمؤسسات الاستبدادية، المشاركة العامة وتعيق العمل الجماعي من خلال تعزيز الهياكل السلطوية الهرمية.

أما نماذج الحوكمة اللامركزية والتشاركية، فتعزز التماسك الاجتماعي وتقلل من جاذبية الأيديولوجيات الإقصائية.


3. التعليم والتوعية كأدوات لتفكيك العنصرية
لا يزال التعليم من أنجع الأدوات في تحدي العقليات البالية المتجذرة في الخوف والاستعباد والتسلسل الهرمي العرقي.

وتظهر الأبحاث المعاصرة أن البرامج التعليمية التي تعزز التعاطف، والتعاون، والهوية الإنسانية المشتركة، تسهم بشكل ملحوظ في تقليل العداء بين الجماعات.
ويتناسق هذا مع نظرية الترابط الاجتماعي، التي ترى أن تجاوز ثنائية «نحن ضدهم» أمر ممكن وضروري، حين يُبنى التعليم على أسس التشارك والإنسانية الشاملة.


4. الأخلاق الإنسانية، والاقتصاد، وجذور العنصرية
غالباً ما ترتبط العنصرية بالتنافس على الموارد.

وتوضح النظرية السياسية المعاصرة أن أشكال التضامن القائمة على الإقصاء العرقي تعزز عدم المساواة وتعيق العدالة الاجتماعية.

ويبين عمل جولييت هوكر حول سياسات التضامن كيف تسهم الهويات العرقية المغلقة في تشويه الخطاب العام وإفشال السياسات العادلة.
في المقابل، تشير دراسات «التضامن الإيثاري» إلى ضرورة تبني أشكال من التضامن تتجاوز الجماعات الداخلية الضيقة، وتعطي الأولوية لرفاهية الفئات المهمشة.
الخلاصة:

إن نظاماً أخلاقياً واقتصادياً قائماً على التضامن، لا على التنافس، يقلل العداء العرقي والطبقي، ويعزز المساواة الحقيقية.


5. تطبيقات في الأخلاق والعلوم الإنسانية والاقتصاد والمجتمعالأبعاد الأخلاقية والإنسانية
يركز البحث المعاصر على التعاطف، والاعتراف المتبادل، ورفض جميع أشكال الهيمنة.

ويعد الاعتراف بكل فرد كجزء من مجتمع إنساني مشترك أساسياً لتفكيك الأيديولوجية العنصرية.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية
تظهر النماذج الاقتصادية التعاونية أن المشاركة في الإنتاج والتوزيع تعزز التماسك الاجتماعي وتقلل التنافس القائم على أساس العرق.

كما يشجع تقليل الاعتماد على السلطة المركزية على نشوء منظمات اجتماعية لامركزية وشاملة.


6. رؤية التحول الاجتماعي
يدعم التكامل بين علم الأحياء التطوري، وعلم الاجتماع، والنظرية السياسية، رؤية لمجتمع يتجاوز البنى العنصرية الرجعية من خلال التعاون الحر، والسلطة اللامركزية، والتضامن الأخلاقي.
وتتفق هذه الرؤية مع الأبحاث المعاصرة التي تبين أن التضامن، وخاصة الأشكال التي تتجاوز حدود الجماعات الضيقة، ضروري لمواجهة التحديات العالمية وبناء مجتمعات عادلة وقادرة على الصمود.


كما يشجع تقليل الاعتماد على السلطة المركزية على نشوء منظمات اجتماعية لامركزية وشاملة.6. رؤية التحول الاجتماعييدعم التكامل بين علم الأحياء التطوري، وعلم الاجتماع، والنظرية السياسية، رؤية لمجتمع يتجاوز البنى العنصرية الرجعية من خلال التعاون الحر، والسلطة اللامركزية، والتضامن الأخلاقي.
وتتفق هذه الرؤية مع الأبحاث المعاصرة التي تبين أن التضامن، وخاصة الأشكال التي تتجاوز حدود الجماعات الضيقة، ضروري لمواجهة التحديات العالمية وبناء مجتمعات عادلة وقادرة على الصمود.المصادر
التضامن والعدالة الاجتماعية في المجتمعات المعاصرة (Springer، 2022)
دراسة حول تطور التعاون – جامعة بنسلفانيا (PNAS، 2023)
«هل تنهار الأمور؟ آفاق التضامن في عالم هش» (Cogitatio، 2025)
جولييت هوكر، سياسات العرق والتضامن (Oxford Academic)
«إعادة التفكير في التضامن: صعود التضامن الإيثاري» (European Journal of Social Theory، 2025)