إحتكار الدواء وحجبه بمثابة إبادة الشعب/ د.خضر الحلبي

د. خضر عفيف الحلبي نائب رئيس المنظمة العالمية للسلام والأمن والانسانية 

(I.O.P.S.H.)

30 - 8 -2021

إحتكار الدواء يستدعي تحرّك القضاء ومحاكمة المحتكرين والحجز على أموالهم المنقولة والغير منقولة وتقديمها كتعويض عن الانتهاكات التي حصلت بحق مرضى السرطان والامراض المزمنة والمستعصية، حيث تعتبر هذه الانتهاكات بحق المرضى بمثابة ضروب من التعذيب والمعاملة القاسية أواللاإنسانية أو المهينة التي تشكل جريمة ضد الانسانية يعاقب عليها القانون المحلي والدولي، أن ما يمارس من قبل مافيات المال "السياسة المالية" ومحتكري الدواء تارة يرفع الدعم عن الدواء وتارة أخرى يدعم البعض منها والتي هي من الواضح جدا تمثيلية مشتركة بين هذه المافيات بتخطيط مسبق الى إبادة شعب بأكملة أي "الإبادة الجماعية" بدأت بفرض أحوال معيشية يقصد بها التسبب عمدا في إهلاك مادي وإلحاق أذى بدني ومعنوي جسيم وخصوصا عندما بدأت المافيات تنتهك الحق بالصحة الذي هو حق أساسي من حقوق الإنسان ولا غنى عنه من أجل التمتع بحقوق الإنسان الأخرى، وبما أن ما ارتكبوه هو من أهم أركان الجرائم ضد الانسانية حسب ما نص عليه نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. 

يحق لكل إنسان أن يتمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه ويفضي إلى العيش بكرامة، وحق الإنسان في الصحة مسلم به في العديد من الصكوك الدولية، فالفقرة 1 من المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تؤكد أن: "لكل شخص الحق في مستوى معيشة يكفي لضمان الصحة له ولأسرته، ويشمل المأكل والملبس والمسكن والرعاية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية"، وكما ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على أشمل مادة تتعلق بالحق في الصحة في القانون الدولي لحقوق الإنسان. ووفقاً للمادة 12(1) من العهد، تقر الدول الأطراف "بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه"، وبالإضافة إلى ذلك، فالحق في الصحة معترف به، في المادة 5(ه‍ـ)(4) من الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري لعام 1965. وفي المادتين 11-1(و) و12 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979، وفي المادة 24 من اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989، وذلك في جملة مصادر أخرى. كما يعترف بالحق في الصحة في عدد من صكوك حقوق الإنسان الإقليمية، مثل الميثاق الاجتماعي الأوروبي لعام 1961 بصيغته المنقحة (المادة 11)، والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب لعام 1981 (المادة 16)، والبروتوكول الإضافي للاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنسان في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1988 (المادة 10). وبالمثل، أعلن عن الحق في الصحة من جانب لجنة حقوق الإنسان، وكذلك في إعلان وبرنامج عمل فيينا لعام 1993، وفي صكوك دولية أخرى كما ورد في مصدر منظمة الصحة العالمية. 

 فالفقرات العديدة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية التي تحرم التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة تشق دروباً ذات صفة دولية لإنصاف ضحايا تلك الانتهاكات، إضافة إلى ذلك فإنه يتعين تطوير نظماً للإخضاع للمحاسبة أكثر قوة، خاصة على المستويين الوطني والإقليمي، بصورة تمكنها من مواجهة السياسات الصحية الحكومية المنتهكة لحقوق المرضى كما التي تحصل في لبنان مما ينبغي على القضاء المختص تشديد العقوبة على المحتكرين ومحاكمتهم ليس فقط كمحتكرين بل مجرمين ارتكبوا جرائم ضد الانسانية بحق الشعب والأطفال والنساء والشيوخ وبالاخص انهم قتلوا مرضى بحاجة لأدوية احتكروها لأسباب مادية ومنفعة شخصية وخاصة ان بين المحتكرين المجرمين نقيبا سابقا للصيادلة التي تعتبر جريمته أكبر وأبشع على نقابة الصيادلة ووزارة الصحة اللبنانية تجريده من شهاداته وتشديد العقوبة عليه. إن الدعاوى التي تثار في ظل إتفاقية مناهضة التعذيب تتيح للأفراد الذين تعرضوا للاضطهاد منبراً نوعياً لالتماس المداواة، كما أن الاتفاقية تلزم الدول بأخذ خطوات محددة لمنع وقوع التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. وتشتمل إتفاقية مناهضة التعذيب على آلية للسماح للجنة مناهضة التعذيب بالتحري بشأن التعذيب المنهجي الذي يحصل في لبنان ويتوجب على الحكومة والمرجعيات القضائية المختصة اتخاذ كافة التدابير لحماية هذا الحق المقدس وتنفيذ ما التزم به لبنان في دستوره. 

وبناء عليه فإن الإدراك المتنامي للدور الذي تلعبه الانتهاكات في محيط الرعاية الصحية بما يشكل تعذيباً و ضرباً من المعاملة القاسية أو الإنسانية أو المهينة التي مارسها المحتكرون، وذلك في تعارض مع بنود كل من اتفاقية مناهضة التعذيب والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يفضي لمجال من الخيارات الواسعة لما هو متاح من إنصاف لضحايا مثل تلك الانتهاكات والتعويض عليهم.  يرتبط الحق في الصحة ارتباطاً وثيقاً بإعمال حقوق الإنسان الأخرى ويعتمد على ذلك، مثلما يرد في الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، بما فيها الحق في المأكل، والمسكن، والعمل، والتعليم، والكرامة الإنسانية، والحياة، وعدم التمييز، والمساواة، وحظر التعذيب، والخصوصية، والوصول إلى المعلومات، وحرية تكوين الجمعيات، والتجمع، والتنقل. فهذه الحقوق والحريات وغيرها تتصدى لمكونات لا تتجزأ من الحق في الصحة. ويؤكد دستور المنظمة على أن التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه هو أحد الحقوق الأساسية لكل إنسان، ويشمل الحق في الصحة الحصول على الرعاية الصحية المقبولة والميسورة التكلفة ذات الجودة المناسبة في التوقيت المناسب، ويعني الحق في الصحة أن الدول يجب أن تهيئ الظروف التي يمكن فيها لكل فرد أن يكون موفور الصحة بقدر الإمكان. ولا يعني الحق في أن يكون موفور الصحة، وقد تم التأكيد على الحق في الصحة في معاهدات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية، وفي الدساتير الوطنية في جميع أنحاء العالم. وتجنح الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمع إلى تحمل عبء لا داعي له من المشاكل الصحية وهذا العبء سببه السياسات الممنهجة المتبعة من محتكرين الدواء والسياسة المالية التي زادت العبء عبئاً أكبر.

 ويفرض الحق في الصحة على الدول الأطراف، شأنه شأن حقوق الإنسان كافة، ثلاثة أنواع من الالتزامات هي الاحترام ، الحماية و الأداء ، ينبغي عدم التدخل في التمتع بالحق في الصحة وضمان ألا تقوم أطراف ثالثة جهات أخرى غير الدول بإعاقة التمتع بالحق في الصحة كما حدث في لبنان من محتكري الدواء وسياسة المصارف، ويجب بالتالي اتخاذ خطوات إيجابية لإعمال الحق في الصحة واتخاذ اجراءات قضائية صارمة بحق هؤلاء المجرمين.

 وينـبغي لضـحايا انـتهاك الحـق في الصـحة سـواء أكانوا أفرادا أم جماعات أن تتوفر لهم إمكانية الوصول إلى وسـائل الانتصـاف القضـائية الفعالـة أو أي وسـائل انتصـاف أخـرى عـلى كـل مـن المسـتويين الوطني والدولي، وينـبغي أن يكـون مـن حـق جميـع الضـحايا الذيـن تعرضـوا لمثل هذه الانتهاكات أن يحصلوا على تعويض مناسب، يمكـن أن يـأخذ شـكل العـودة إلى وضـع سـابق، أو الـتعويض، أو الترضـية أو ضـمانات بعـدم الـتكرار.

 وينـبغي أن تتصدى لجان لحقوق الإنسان، أو جمعيات حماية المستهلكين أو جمعيات لحقوق المرضى أو مؤسسات مماثلة على المستوى الوطني لما يقع من انتهاكات للحق في الصحة. نأمل من المدعي العام المالي أن يتخذ الاجراءات القانونية بحق المحتكرين ومن مارس سياسة الابادة الجماعية بحق الاطفال والنساء والشيوخ والعائلات وخصوصا المرضى اللذين هم بحاجة الى الدواء والمال المحتجر تعسفا دون وجه حق في المصارف اللبنانية الذي ساهم ايضا بالقضاء على كافة حقوق المواطن المقدسة التي كفلها الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي انتهكها هؤلاء المجرمين الحاقدين على الانسانية وضربوا بعرض الحائط المواثيق الدولية التي التزم بها لبنان، إن هذه الافعال التي ارتكبوها هي خيانة وطنية بإمتياز يجب الوقوف عندها.