الأزمة في لبنان فرصة لوضع حدّ للتمييز في حق المرأة

حليمة قعقور/دكتور في القانون العام وأستاذة في الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة اللبنانية واختصاصية في حقوق الإنسان والقضايا النوع اجتماعي

نشر في  اللغتين العربية والفرنسية -   L' Article a  été publié en Français et en Arabe

منذ عامين ويتخبط لبنان في أزمة سياسية ومالية واقتصادية لم يسبق لها مثيل وتعود أسبابها إلى الفساد المستشري والسياسات النقدية الفاشلة وانعدام الحوكمة والنظام السياسي الطائفي والعشائري والسياسات التمييزية. وتتجلى هذه الأزمة في انهيار قيمة العملة الوطنية والتضخم الجامح وتفاقم البطالة في حين أن 50% من السكان باتوا يعيشون تحت خط الفقر. وكلّها عوامل تطال في نهاية المطاف اللبنانيين واللبنانيات في كرامتهم. صحيح أنّها حالة من الانهيار إلا أنّها أيضا مناسبة للتأمل في شكل جديد للبنان يتمتع فيه جميع المواطنين بكافة حقوقهم. كلّ اللبنانيين وكلّ اللبنانيات. دون استثناء. فلا شكّ في أنّه في هذه الأزمة الفظيعة فرصة للتخلص من حالات التمييز التي يعاني منها نصف سكان البلاد أي النساء. ذلك أنّه في نهاية الأمر سيتفيد لبنان بأسره وليس المرأة بمفردها من التغيير الجذري. حسب تقرير نشرته هيئة المرأة في الأمم المتحدة في عام 2020، لا يشارك في الاقتصاد اللبناني سوى 29% من اللبنانيات. ويحتل لبنان المرتبة 139 من أصل 156 في تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي عن الفجوة النوع اجتماعي في العالم في عام 2021 في ما يتعلق بمشاركة المرأة في الاقتصاد والمرتبة 132 في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين بالمعنى العام. أمّا بالنسبة إلى المشاركة في الحياة السياسية، فيحتل لبنان المرتبة 112 وذلك بالرغم من زيادة عدد الوزيرات في آخر حكومة. فلا يعدّ البرلمان اللبناني سوى ست نساء من أصل 128 نائب ويعزى هذا الوضع إلى العوائق المتعددة ومنها النظام السياسي البرلماني الطائفي – حيث يتمّ توزيع السلطات السياسية على الطوائف الدينية – والنظام الاقتصادي وانحصار رؤوس الأموال في أيدي حفنة من الرجال. في الكثير من الأحزاب السياسية التقليدية، تنقل السلطة من رجل إلى آخر حسب نمط وراثي. إنّه الوضع الذي يجعل لبنان في عداد أكثر البلدان انعداما للمساواة في العالم ويعيق العدالة الاجتماعية والعدالة النوع اجتماعي على حدّ سواء. في كتابي الأخير "مسيرة النساء اللبنانيات إلى الندوة البرلمانية"، تطرقت إلى الحواجز التي تحول دون مشاركة المرأة اللبنانية في الحياة السياسية ومنها العنف. فقد أبلغت 78،6% من المرشحات في الانتخابات النيابية لعام 2018 بأنهن كنّ ضحية العنف على أشكاله. هذه المرشحة كان يضربها زوجها كلما خرجت من المنزل لإجراء الحملة الانتخابية لأنه لم يكن راضٍ عن ترشيحها. وقالت: "كنت أخشى أن يرى الناس الكدمات على وجهي أو جسدي لكن الطلاق غير وارد لأنه وفقا للأحوال الشخصية في طائفتي تحق له حضانة الأولاد ولا يمكنني أن أعيش من دون أولادي." وتلك التي كان يضايقها سكان القرية لأن ترشيحها أحرج رجال أسرتها. وقد تدفق العنف و الحض على الكراهية   النساء على شبكات التواصل الاجتماعي سيلا جارفا ضد المرشحات: "فوتي على المطبخ، أحسنلك" أو "من الأفضل تهتمي باولادك" أو "منعرف تاريخ علاقاتك الجنسية الوسخة" أو "قديش دفعت لزعيم الحزب حتى يحطك على القايمة"... وفضلا عن هذا الاعتداءات، كانت المرشحات في مواجهة الأحزاب السياسية الطائفية التي لا تدرج النساء على قوائمها إلا في حالات نادرة وكذلك وسائل الإعلام التي تتحكم بها الأحزاب السياسية والتي ساهمت في تعزيز الصور النمطية عن المرأة، سواء من حيث الوقت المخصص لتغطية حملاتهن أو من حيث طبيعة الأسئلة التي كانت تطرحها عليهن. وقد شرحت مرشحة: "قضيت الدقائق الخمس عشرة التي نلتها للتغطية الإعلامية وأنا أبرر ترشيحي كامرأة. فسئلت ما إذا كان زوجي راضٍ عن الأمر وما إذا كنت قادرة على تربية أولادي بينما أنشط في الحلبة السياسية أو ما إذا كنت قادرة على القيام بالنشاط السياسي كوني مدرسة." ولا تنحصر عدم المساواة الصارخة هذه في المجالين الاقتصادي والسياسي دون سواهما بل أنّ الانتهاكات تطال أيضا الحقوق الاجتماعية للمرأة. في غياب قانون مدني موحد يدير الأحوال الشخصية، تخضع المواطنات اللبنانيات لواحد من القوانين الدينية الخمسة عشر المعنية بالطلاق والحضانة والميراث والحق في الملكية... فالمرأة غير متساوية مع الرجل في هذا الصدد – فلا يحق لها مثلا منح الجنسية اللبنانية لأولادها – بل وأكثر من ذلك النساء غير متساويات بين بعضهن البعض. لن يكون لمطلقة من الطائفة السنية الحقوق عينها في ما يخص حضانة الأطفال التي تكون لمطلقة من طائفة الروم الكاثوليك، مثلا.   كثيرة الدراسات التي تبيّن  المكاسب التي يستفيد منها المجتمع نتيجة مشاركة النساء في اتخاذ القرار ما هي، على سبيل المثال، الأثار الاقتصادية على الإنتاجية والنمو على حدّ سواء؟ أوضحت دراسة قام بها صندوق النقد الدولي في عام 2019 أنّ أشكال التمييز في حق المرأة تولد خسارة اقتصادية نسبتها 10% من إجمالي الناتج الداخلي في البلدان المتقدمة النمو وأكثر من 30% في بلدان منطقة الشرق الأوسط.   وقد ورد أيضا في تقرير لمعهد ماكينزي العالمي صدر في عام 2016 أنّه من شأن زيادة إشراك المرأة في شتى المجالات الاجتماعية أن تساهم بشكل إيجابي في الحياة الاقتصادية والسياسة والاجتماعية في البلاد التي تستفيد بفضلها بتنوع أكبر في المهارات والمقاربات. ففي الولايات المتحدة، مثلا، 25% من النساء المنتخبات صوتن لمصلحة قوانين اقترحها حزب منافس متى كانت تلك القوانين تتعلق بحقوق الشرائح الأكثر حرمانا في المجتمع مقابل 17% من الرجال المنتخبين وذلك استنادا إلى دراسة نشرها مركز المرأة الأمريكية والسياسة. وحسب دراسة أعدتها جامعة إستكهولم في عام 2008، فإنّ المؤسسات السياسية تضم نساء تعطي الأولوية لحقوق المواطنين كالحق في الصحة والتربية وحقوق المرأة وما إلى ذلك. والدراسات العلمية التي تسلك هذا المنحى عديدة وتظهر كيف أنّ مشاركة المرأة في السياسة تعزز الديموقراطية والإدماج وحقوق المواطنين والحوكمة والسلام الدائم والتعاون بين الأحزاب السياسية بما يتخطى الاختلافات الأثنية أو الدينية أو السياسية. وكلّها حلول للصعاب التي يواجهها لبنان وبلدان أخرى في العالم. وبالنسبة إلى لبنان، فمن الأهمية بمكان الاستعاضة عن النظام السياسي القائم بدولة علمانية وعادلة وديموقراطية قادرة على فرز طبقة سياسية جديدة تتميّز بالكفاءة وقادرة بدورها على اعتماد منهجية شاملة وتشاركية في وضع السياسات العامة من أجل صون حقوق الأفراد والحريات الخاصة والعامة للجميع وبشكل عادل. والعوائق التي تعترض هذه المسيرة كثيرة وجدية. إنّما يمكن تجاوزها إذا توفرت الإرادة السياسة والأهم من ذلك إذا تبلور فهم أو وعي  التي تقدمها المرأة للمكاسب التي تقدمها من خلال مشاركتها  للمجتمع ، لان مشاركة النساء في إتخاذ القرار لا يعكس فقط تعزيز لحقوقها الفردية بل ينعكس إيجابيا على المجتمع بكامله عبر تعزيز حقوق الجميع.

 نشر هذه المقال في إطار عملية "نحو المساواة" وهي نشاط صحافي تشاركي يجمع 15 وسيلة إعلام عالمية لتسليط الضوء على الصعوبات والحلول من أجل تحقيق المساواة بين الجنسين.

" مقال منشور أساسا في صحيفة  لوريان لو جور (لبنان)/ حليمة قعقور، 14 يونيو/حزيران 2021، الساعة الثانية وتسع دقائق مساء، باللغة الفرنسية وقد تم ترجمته بناء لطلب وموافقة الدكتور حليمة قعقور مع الالتزام بكافة أحكام حقوق المؤلف".


Depuis près de deux ans maintenant, le Liban n’en finit plus de s’enfoncer dans une crise politique, financière et économique sans précédent et dont les causes sont multiples : corruption généralisée, politiques monétaires erronées, mauvaise gouvernance, système politique confessionnel et tribal, politiques discriminatoires... Une crise qui se traduit notamment par un effondrement de la monnaie nationale, une hyperinflation, une aggravation du taux de chômage tandis que plus de 50 % de la population est désormais sous le seuil de pauvreté. Autant de facteurs qui portent atteinte, in fine, à la dignité des Libanais et des Libanaises. Tout semble s’effondrer, certes, mais le moment est aussi opportun pour essayer de penser un autre Liban au sein duquel les citoyens auraient, enfin, tous leurs droits. Tous les Libanais, toutes les Libanaises. Parce que dans cette terrible crise se trouve assurément une opportunité d’en finir avec les discriminations qui pèsent sur la moitié de la population du pays : les femmes. Et ce d’autant plus qu’au final, c’est tout le Liban, et pas seulement les femmes, qui bénéficieraient d’une telle (r)évolution. Car, à en croire un rapport publié en 2020 par ONU Femmes, seulement 29% des Libanaises participent à l’économie. Le Liban occupe la 139e place sur 156 dans le rapport mondial 2021 sur la parité entre les genres du Forum économique mondial, en ce qui concerne la participation des femmes dans l’économie, et la 132e en ce qui concerne la parité au sens global. Au niveau de la participation politique des femmes, le pays est classé 112e, et ce malgré l'augmentation du nombre de femmes dans le dernier cabinet. Aujourd’hui, le Parlement libanais ne compte que six femmes sur 128 députés, et ce notamment en raison de nombreux obstacles, dont le système politique parlementaire confessionnel —les pouvoirs politiques sont répartis entre les communautés religieuses— , le système économique et la concentration du capital entre trop peu d’hommes. Au sein de nombreux partis politiques traditionnels, le pouvoir se transmet d’ailleurs entre les hommes sur un mode héréditaire. Une situation qui a fait du Liban un des pays les plus inégalitaires au monde, et qui entrave autant la justice sociale que la justice de genre. J’ai exposé dans mon dernier ouvrage, Lebanese Women Journey to the Parliament, les multiples obstacles à la participation des Libanaises à la vie politique. Parmi eux, la violence contre les femmes : 78,6 % des candidates à l’élection parlementaire de 2018 dénoncent avoir été victimes de violences de différentes natures. L’une d’entre elles était frappée par son mari à chaque fois qu’elle sortait de leur maison pour mener sa campagne électorale, car il était contre sa candidature. « J’avais peur que les gens voient les marques sur mon visage ou mon corps, mais je ne peux pas divorcer car selon le statut personnel de ma confession il a le droit d’avoir la garde de mes enfants, et je ne peux pas vivre sans eux », m’a-t-elle dit. Une autre femme candidate était harcelée par les membres de son village car sa candidature embarrassait les hommes de sa famille. C’est surtout sur les réseaux sociaux qu’un flot de violence et de misogynie s’est déversé sur les candidates, où l’on a pu lire des messages tels que : « Retourne dans ta cuisine, c’est mieux pour toi » ; « Va plutôt t’occuper de tes enfants » ; « On connaît ta sale histoire sexuelle » ; « Qu’as-tu payé au chef de parti pour être sur sa liste ? »… Au-delà de ces agressions, les candidates ont également dû faire face à des partis politiques confessionnels ne mettant des femmes sur leurs listes que de manière marginale, ou encore à des médias possédés par des groupes politiques, et participant à l’amplification des stéréotypes de genre, que ce soit au niveau du temps alloué à leur couverture médiatique ou bien par rapport à la nature des questions qui leur étaient adressées. « J’ai passé les 15 minutes que j’ai eues sur les antennes à justifier ma candidature en tant que femme. On m’a demandé si mon époux l’acceptait, si je pouvais m’occuper de mes enfants et faire de la politique en même temps, ou bien si vraiment j’avais la capacité en tant qu'enseignante de faire de la politique », m’a dit l’une d’entre elles. Au-delà des sphères économique et politique, où le manque d’égalité est patent, les droits sociaux des femmes sont bafoués. Le Liban ne disposant pas de code civil unifié sur le statut personnel, les citoyennes du pays sont soumises à l’une des quinze lois religieuses pour tout ce qui concerne le divorce, la garde des enfants, l’héritage, le droit de propriété… Non seulement elles ne bénéficient pas des mêmes droits que les hommes en la matière —elles ne peuvent pas par exemple transmettre leur nationalité—, elles ne sont pas égales entre elles. Une sunnite ayant divorcé n’aura pas les mêmes droits en matière de garde d’enfants qu’une grecque-catholique par exemple. Aussi nombreuses que ces inégalités sont les études qui montrent ce qu’une société ou qu’un pays ont à gagner d’une meilleure inclusion des femmes et, au-delà, d’une égalité des genres. Prenons l'impact économique qu’il pourrait y avoir aussi bien sur la productivité que sur la croissance. En 2019, une étude du Fonds monétaire international précisait que les discriminations contre les femmes produisaient des pertes économiques allant de 10 % du PIB dans les pays avancés, à plus de 30 % au Moyen-Orient. Une meilleure représentation féminine dans toutes les sphères sociales apporterait autant à l’économie qu’à la vie politique et sociale du pays, car l’on peut bénéficier d’une diversité plus riche en matière de compétences et d'approches , notait pour sa part un rapport de l’Institut McKinsey en 2016. Aux États Unis, par exemple, 25 % des élues ont voté pour des lois proposées par un parti concurrent quand il concernait les droits des plus démunis, contre 17 % pour les élus hommes , selon une étude du Centre pour les femmes américaines et la politique (CFAP) publiée en 1991. Selon une autre étude menée par l’Université de Stockholm en 2008, les institutions politiques qui incluent des femmes privilégient les droits des citoyens comme le droit à la santé, l’éducation, les droits des femmes, etc. Une multitude de recherches scientifiques abondent dans ce sens et montrent que la participation politique des femmes renforce la démocratie, l’inclusion, les droits des citoyens, la bonne gouvernance, une paix durable, une coopération entre les différents partis au-delà des différences ethniques, religieuses ou politiques. Autant de points qui répondent aux enjeux de la crise que traversent aussi bien le Liban que d’autres pays dans le monde. En ce qui concerne le Liban, il est important de remplacer le système politique actuel par un État laïc, juste et démocratique capable de produire une nouvelle classe politique compétente, elle-même capable à son tour d’adopter une approche inclusive et participative dans les politiques publiques afin de défendre les droits individuels et les libertés privées et publiques de tout le monde d’une manière égale. Les obstacles demeurent lourds et nombreux, mais ils sont surmontables si la volonté politique existe et, surtout, si émerge enfin une compréhension, ou du moins une conscience, de la valeur ajoutée des femmes. Et de leur valeur, tout simplement. 

Cet article est publié dans le cadre de “Towards Equality”,une opération de journalisme collaboratif rassemblant 15 médias d’information du monde entier mettant en lumière les défis et les solutions pour atteindre l’égalité des genres.

 précédemment publié dans L'Orient Le Jour, (Liban) / Par Halimé Kaakour, 14 juin 2021 à 14h09, et a été traduit à la demande du Dr Halimé  Kaakour ( Soumis au droit d'auteur).