الناشط الاجتماعي وخصائص النجاح

 إيمان أبو شاهين يوسف

   أمر الله تعالى أبناءه البشر بعمل الخير ومساعدة الغير، حيث جاء في كتابه الكريم: الله غني عن عبادتكم لا ينفعه شكر الشاكرين ولا صبر الصّابرين كما لا يضره كفر الكافرين ولا جزع الجازعين وإنما أعمالكم تردّ إليكم.

 وقال تعالى: " ولِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فاسْتبِقوا الخَيْرَاتِ", وعليه فإن الانسان الذي يفعل الخير، ويأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، والذي يتعامل مع الناس أنهم أخوة في الإنسانية، ولهم حقوق التآخي والتعاضد فيما بينهم، ويرفض كل أشكال التعصب والتمييز العنصري، ويسعى لمساعدة الغير والمشاركة في تحمّل أعباء الناس وهمومها، ويعمل لإيجاد الحلول والبدائل، هو إنسان متميّز عن غيره من الناس العاديين.

 قد يطلق على حاملي هذه الصفات أسماء كثيرة (الانسان المؤمن بإنسانيه الإنسان، فاعل الخير، الإنسان الاجتماعي، الإنسان الإيجابي، الناشط الاجتماعي...) وانطلاقاً من هذه التسميات وتلك الصفات يتبين بأن الناشط الاجتماعي هو إنسان متميّز عن غيره من الناس العاديين. ذلك لأنه يشارك الناس مشاعرهم ويحمل همومهم ويعمل على إيجاد الحلول لهم بدون تعصب أو عنصرية، وبكلّ تجرّد وموضوعية, وهو يتميز عن الناشط المدني، والناشط الحقوقي، والنشاط البيئي، وغيره...

  مفردة النشاط المدني مرتبطة بالنظام الديمقراطي، مصدرها المشاركة في الحملات التي تهدف إلى التغيير وتطبيق النظام المدني الذي يقوم على القانون، وهدف التغيير عادة يكون سياسي - اجتماعي...  أما الناشط القانوني فهو المتابع الملتزم لقضايا القانون، والمطالب بعدالته وتطويره الدائم بما يخدم حق الفرد والجماعة.. ويبقى أن الناشط البيئي هو الذي يهتم بقضايا البيئة والذي يعمل للحفاظ على صحة  وسلامة الطبيعة واستمرارية مواردها...   

 بذلك يكون مفهوم الناشط الاجتماعي أوسع وأشمل, لأنه يدلّ على ذلك الفرد الذي يمتلك خلفية واسعة من المعارف والمعلومات, وأيضاً مُلِم بكل ما يعاني منه المجتمع، وعلى دراية لما يحتاج إليه، ويعمل بشكل طوعي من أجل معالجة القضايا وإيجاد الحلول المناسبة لها، بالاستناد إلى المواد القانونية والدّستور، وبطريقة موضوعية ومتجردة من كل التبعيات (سياسية، دينية، اثنية، أو أي علاقة خاصة بالآخرين) لهذا يقوم الناشط الاجتماعي بعدة أدوار في المجتمع وذلك بحسب الموضوع الذي يعمل من أجله, وعلى سبيل المثال: إذا كان الهدف تنوير الرأي العام واطلاعه على الحقائق وكل ما يدور حوله من أحداث وتغيّرات، فيكون دور الناشط الاجتماعي إعلاميّ وتثقيفيّ. لهذا فإن طبيعة النشاط الاجتماعي تتغيَّر مع تغيّر الهدف, وكذلك عمل الناشط الاجتماعي يتغيّر مع تغيُّر طبيعة القضية وهو قادر أن يجاري جميع القضايا والمتغيّرات. 

والعمل الاجتماعي لا يمكن أن يكون ناجحاً إلا إذا توفّرت فيه عدة مواصفات وأهمها، أن يكون مشروعاً ومفيداً للمجتمع ولكلّ فرد من أفراده. والناشط الاجتماعي بدوره، لا يمكن إلاّ أن يكون متميّزاً بعمله حتى يستطيع أن ينجح بهذا الدور، ويتمكن من تحقيق الأهداف التي يسعى إليها, لذا يجب أن يتمتّع بمواصفات عديدة وأهمها:

 - أن يكون مؤمناً بالهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، وصادقاً أمام نفسه وأمام الآخرين بكلّ رأي أو عمل يقدّمه للفرد والمجتمع.

 - أن يتمتّع بالمرونة وقوة الإقناع فيما يقدمه من نشاط. 

- أن يكون حيادياً وموضوعياً في أي عمل يقوم به من أجل المجتمع. فلا يتبع لأي جهة ولا يتعصب لأي مرجعية أو علاقة, كما يجب ألا يقع في وحل الغرور والحديث عن نفسه أو العمل لنفسه عوض العمل من أجل الهدف الذي يناضل من أجله.

 - أن يكون صاحب إمكانات معرفية واسعة بكل جوانب النشاط الذي يقوم به وبكل مكونات ومشكلات المجتمع الذي يعمل لأجله.

 -ألا يحمل أي لون من ألوان التعصب والعنصرية, وأن يتقبل جميع أفراد المجتمع ويتعامل معهم كأخوة في الإنسانية. 

- ألا يستبعد أحد من النشاط بسبب المزاجية أو الأنانية. 

- أن يتمتع بالموهبة أو الخبرة في كيفية التخاطب مع الناس قولا وكتابة. وأن يكون قادراً على تحفيزهم ودفعهم إلى تبني ما يسعى إليه من أهداف، والعمل بحماس من أجل أن تصبح واقعاً.

 - أن يتمتع بالسلاسة في طرح المواضيع، وبالمرونة في التفاعل والتواصل مع الآخرين من أجل إيصالها إليهم، وإقناعهم  بها .

 - أن يكون محترفاً ومهنياً في اتباع المصار المدنية والحماية القانونية لمساندة أهدافه. 

- أن يكون محبوباً من الناس وله علاقات طيبة مع وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي. 

-  أن يكون ملمّاً بالمشاكل التي يعاني منها المجتمع وعلى مستوى عالٍ من المعرفة القانونية والقيم الاجتماعية. 

- أن يكون عمله تطوعي وبمبادرة ذاتية. 

- أن يبتعد عن التشبث بالرأي واتخاذ القرارات المنفردة. 

- أن يعمل دائماً كجزءٍ من الكل مع تحمل مسؤولية المهام الملقاة على عاتقه. 

- أن تكون أهداف القضية التي يتبناها واضحة وصريحة وبالتأكيد مشروعة ليسهل فهمها واستيعابها  من الجمهور. 

- أن يكون مرتبط بشبكة من العلاقات الواسعة، متنوعة المواقع والإمكانيات، وقادرة على دعم ومساندة  أهداف القضية التي يعمل من أجلها. 

ولا بدّ أن نشير إلى أن 50% من الناشطين الاجتماعيين أو أكثر لا يتحلّون بهذه المواصفات  للناشط الاجتماعي الناجح, لذلك نرى أن الكثير من القضايا الاجتماعية تفشل ولا تتحقق رغم ضرورتها وأهميتها  بسب فشل الناشط الاجتماعي الذي لم يكن إيجابياً، بل على العكس كان ذو  شخصيته سلبية  ينحاز لهذا أو ذاك, أو أنه عنصري ومتعصب, أو بسبب عدم إلمامه بجوانب القضية التي يعمل من أجلها,  كذلك عدم إلمامه ومعرفته العميقة بطبيعة المجتمع  ومكوناته المتنوعة, أو بسبب عدم صدقه وصراحته بالأهداف التي يسعى إليها، بمعنى أن الذي يظهره غير الذي يُخفيه, أو بسبب تفرّده وتشبّثه برأيه وعدم التآلف مع فريق العمل, أو لأنه لا يتمتع بالصفة الشعبوية وغير قادر على التأثير الكلامي أو الكتابي بالآخرين, أو لأنه أناني ولا يعترف بنجاح أو بدور الآخرين........... وهكذا فان الأسباب كثيرة للنجاح  والفشل.  

ويبقى على الفرد ذاته أن يختار. 

المراجع

- مقال بعنوان " ناشط مجتمعي" -  ويكيبيديا. 

- مقال بعنوان "من هو الناشط الاجتماعي" - مركز الابداع والتطوير 

- كتاب من زاوية مختلفة – محمد غانم- Pdf 

- القرآن الكريم.